للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولُ: اعْتَراهُ الحُمَى، فسقَطَ ما تعلقوا به.

وأما قولُهم: بُعِثَ إلى الكُل فكان كتابُه جامعاً لخطاب الكلِّ، ولغةِ آلكُل، ومُعْجِزاً للكُلِّ. فليس بلازمٍ، لأنه لو رُوْعِيَ هَذا، لكانَ مِن الواجبِ أنْ يجمعَ التركيةَ والزنجيةَ والسنديةَ والهنديةَ.

على أنَّ الخِطابَ إذا اعتبرَ للبيانِ، لم يقنعْ الرومُ بكلمةٍ، والفرسُ بكلمةٍ، والنَبَطِيةُ بحرفين، يكونُ كلُّ خطابهِ لهم: يا رجلُ، وانَّما كانَ يجب أنْ يَمُد الكلامَ ويُطَوَّلَه جامعَاً للدعاءِ لهم، والإِنذارِ، وبيانِ الأحكامِ بلُغةِ كلِّ فريقٍ، ولا يخصَّ العربَ بالكلام الجامعِ، ويُفردُ كلُّ طائفةٍ من غيرِهم بالكَلمِةِ، التي لا يَحْصُلُ بها بيانُ التكليفِ لهم، فلا فائدةَ في هذا.

وأمَّا الإِعجازُ؛ فليس فيهِ من كلامِهم ما يقتضي التعجيزَ، فإنَّ غايةَ ما فيه عند المُخَالِفِ الكَلِمَةُ والكلماتُ، وذلك مما لا يُتَحدّى بمثله، إذْ لا يتضمنُ فصاحةً ولا تُحُديَت العربُ بمثلهِ، إنَّما تُحُدِّيَتْ بالسورَةِ، حتى قال بعض النَاسِ بالسُّوَرِ الطوالِ دُوْنَ القِصَارِ.

ولأن تعجيزَ العرب كفى عن تعجيزِ غيرهم، فاذا عَجزُوا وهم أهلُ الصِّناعةِ كان غيرُهم مِمَّنْ لَيْسُوا من أهل اللسانِ أعجزَ، كما قُلنا في السَّحرةِ في حق موسى، والطَّبِّ في حق عيسى، لما عَجزُوا، وكانَ


= ومنها أيضاً:
خادعتُ سعداً وارتمتْ بي ركائبي ... إِلى الشام واخترتُ الذي هو أفضل
وغادرت سعداً نائماً في عباءة ... سعد غَلام مستهام مُضَلَّلُ
"شرح نهج البلاغة" ٤/ ٨٤. و"مختصر تاريخ دمشق" ٢٧/ ٣٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>