للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكذلك يقالُ هاهنا، إذ لو كان لا اسمَ إِلأَ مشتقٌ، فالمشتقُ منهُ مِمَّ يُشْتَقّ؟ على أنَّكم إن أنكرتم استبرق، لأنُّه على وزنٍ استفعل واستعجل، فقد سُمعَ مِن لُغَتِهم ما يُزِيْلُ تَعَجبَكم وينفي استغرابَكم، فقالوا: يثرب وهو اسمٌ لبلادٍ {يَا أَهْلَ يَثْرِبَ} [الأحزاب: ١٣]، وهو على وزْنِ يَضْرِبْ، وفلانٌ اليَشْكُرِيُ مِنْ يَشْكر، ولعلها قبيلةٌ أو بلدٌ. وقالوا: رجلٌ عَدْلٌ. والعدلُ فِعْلُه، ومن ذلك قولهم: أفكل، وهو اسمُ فعلٍ من الأمراض (١)، وقيل: هو رِعْدَةُ الحمَّى، وقيل: هو نفسُ الحمَّى، قال يزيدُ بن حُجيّةَ حين انصرافِه من عسكرِ علي عليه السلام إلى معاويةَ -رضي الله عنه-:

وقالُوا عليٌّ لَيْسَ يقْتُلُ مُسْلِماً ... فمَن ذا الذي يَسْحي الرقابَ (٢) ويقْتُلُ

وقَالوا الهُدَى هذا فإن نكرَ الهُدَى ... فشَفَتْ يَمِيْني واعْتَرىَ الجِسمَ أَفْكَلُ (٣)


(١) جاء في "لسان العرب": الأفكل: على وزت أفعل: الرِّعدة، ولا يبنى منه فعل.
(٢) فى الأصل: "يشجي الرقاد" والمثبت من مختصر تاريخ دمشق ٢٧/ ٣٣٢.
(٣) يزيدُ بن حُجية صاحب هذه الأبيات، هو يزيدُ بن حجية التيمي، من بني تيم بن ثعلبة بن بكر وإئل، فارق علياً رضي الله عنه، والتحقَ بمعاوية رضي الله عنه، وكان علي قد استعمله على الرّي، فكسرَ الخوارج واحتجنَ المالَ لنفسه، فحبسَه عليّ رضي الله عنه، وجعلَ سعداَ مولاه، فقرَّب يزيدُ ركائبه، وسعدٌ نائم، فالتحقَ بمعاوية رضي الله عنه وقال هذه الأبيات. =

<<  <  ج: ص:  >  >>