للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

والعقل: ضرب من العلوم الضرورية، وبه قال جمهور المتكلّمين (١).

وقال قوم: قوة غريزيةٌ يُفْصَل بها بين الحُسن والقُبح.

وقال قوم: يُفصل بها بين حَقائق المعلومات.

وقال قوم: هو مادَّة وطَبيعة.

وقال قوم: هو جَوهرٌ بَسيطٌ (٢).

والجمهور من المتكلمين على ما ذكرنا، وأنه من العلوم الضرورية، وإنما ذكرناه حيث أفضنا في ذكرِ العلوم ومُتعلقاتها وطرقها وهو من جُمْلَتِها، وله بما ذكرنا تَعَلُّق من نَفي حكمَه بتحسين وتَقبيح وبيان ما ينتهي إليه.

فالدلالة على فَساد القول بكونه جوهراً، أن الجواهر من حيث كونُها جواهرَ جنسٌ واحد، فلو كان العقل جَوهراً لاستغنى العاقل بوجود نَفسه عن عقلٍ لكونه جوهراً في نفسه، فلما لم يكن عاقلًا بجوهرِ ذاته ونَفسه، كان من المحال كوُنه عاقلًا بجوهر آخر هو من جنسه.

وأيضاً فإنه لو كان جَوهراً لصحَّ قيامه بنفسه إذ هذا خصيصة الجوهر، ولما لم يصح قيامُهُ بنفسه عُلِمَ أنه مَحمول لغيره، وهذا نعتُ العَرَض.


(١) وهو اختيار شيخه أبي يعلى، انظر "العدة" ١/ ٣٨.

(٢) انظر الاختلاف في تعريف العقل في "العدة" ١/ ٨٣ - ٨٨، و"شرح اللمع" ١/ ٩٠ - ٩١، و"البرهان" ١/ ١١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>