للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ الفعلَ يُبَيَّنُ بالقول؛ فإنَّه لما حجَّ، قال: "خُذُوا عني" (١)، ولما صلى، قال: "صَلُّوا كما رَأيَتْموُني أُصَلَّي" (٢)، فبَيَّنَ الفعلَ بالقولِ، والقولُ لا يحتاج إلى بيانٍ بالفعل.

ومنها: أنَّ القول يتعدى، والفعلُ مختَلَفٌ في كونه يتعدى حكمُه إلى غيره، فمن الناس من قال: لا يُعَدَّى (٣) حكمُه إلى غيرِه إلا بدليلٍ، فكانَ ما تعدَّى بالإجماعِ بنفسِه أَوْلى ممَّا في تعدَّيه إلى غيرِه خلافٌ.

وفي هذه الدلائلِ دلالةٌ على من رَجَّح الفِعْلَ، وعلى من سوَّى بين الفعلِ والقول جميعاً.

فصلٌ

في شبههم

فأمَّا من قال: إنَّ البيان بالفعل أبلغُ وآكدُ، وهو مُقدَّمٌ، فإنّه تعلَّقَ بأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للذي سألَه عن مواقيتِ الصلاةِ: "صلِّ معنا" (٤)، ورويَ: "اجْعَل صلاتَك مَعَنا"، وصلَّى به جبريلُ عليه السلام، وقال له لَمَّا صَلَّى به في اليومِ الأوّلِ في وقتٍ، وفي الثاني في وقتٍ آخر: يا محمَّدُ، الوقتُ ما بين هذين (٥)، وقالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الشهرُ تسعٌ


(١) تقدم تخريجه ١/ ١٩٤.
(٢) تقدم تخريجه ٢/ ١٧٤.
(٣) في الأصل: "يدعى".
(٤) تقدم تخريجه ١/ ١٩٤.
(٥) تقدم تخريجه ٣/ ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>