للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يوضِّحُ أنَ الأمرَ إنما هو المتقدِّمُ دون ما عساهم يدَّعونه من تجددِ أمرٍ ثانٍ: أنه يحسنُ بإجماعِ العقلاءِ أن يقولَ لعبدِه والمأمورِ في الجملة عند حضور الآلة وزوالِ العائقِ في الأعضاءِ: إني كنتُ قدَّمتُ إليكَ الأمرَ بكذا، فإن كان قد أخَره مع زوالِ الأعذار وحصولِ الآلات، حَسُن أن يَعتبه ويؤنِّبه على تأخّرِه عن الفعل مع تقديم أمره، ولو كان الأوّلُ ليس بأمرٍ، لم يتجه نحوه عَتْبٌ ولا لومٌ ولا توبيخٌ إلا بعد تجديد أمرٍ ثانٍ.

ومن ذلك: إجماعُ الأمة على جواز وصية الموصي، وهي أمرٌ حقيقةً لمعدومٍ، حتى إنه لو نطقَ بها أو كتَبها وأشهدَ على ذلك الشهودَ، كان ذلك أمراً لازماً لمن يحدثُ من ولده بعدَ الوصية، ومن يولدُ بعد موته، ومن تتجدد له ولاية من الولاة، ومن يكونُ صغيراً فيكبر أو مجنوناً فيعقل، ولا أحدَ يقول: إنها مجاز بل تتعلقُ بالوصي تعلّقَ حقيقة.

ومن ذلكَ: ما يفسدُ به قولُ من اشترط مخاطباً بالأمرِ يكون مبلغاً (١) أنه قد ثبتَ أنَ أمْرَ اللهِ سبحانه من كلامِه، وأن كلامَه قديم، فما دل على قِدَم كلامِه دل على قِدَم أمره؛ لأنه أحدُ أقسام الكلامِ، وقد استوفينا ذلكَ في أصولِ الدين، وكذلك الوصية (٢ .................................. ٢)

فصل

في جمع أسئلتهم على أدلتنا

منها: أن كل الصحابة أمِروا، الذين لم يكونوا موجودين حالَ أمره ولا في عصرهِ بقرائنَ دلَت على أن أولئك مأمورون، ودلائل تضمنت مشاركةَ المعدومين


(١) تقديرُ الكلام: أنه يفسدُ قولُ من اشترط وجودَ مخاطَبٍ، يتوجه الخطابُ إليه حتى يصحَّ تعلقُ الأمرِ بالمعدومِ.
(٢ - ٢) طمس في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>