للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحديدهُ، والنَّاسخِ والمنسوخِ، بما أغنى عن الِإعادةِ (١).

فالتَخصيصُ على قول من أثْبَتَ العمومَ صيغةً موضوعةً لاستغراق الأعيانِ والأزمانِ بالحكم، لا يَحْصُلُ إلا باستثناء مُقارنٍ متَّصلٍ، أو بدليل منفصلٍ من عقل أوسمعٍ أوقياسٍ شرعيٍّ، وكل شيءٍ دَلَّ على أن المرادَ بتلك الصِّيغةِ الموضوعةِ لإِفادة العمومِ بعض ما وُضِعَتْ له، فهو التَّخصيصُ عندهم.

والمحقِّقون منهم يقولون: هذه القرائنُ دلالةٌ على ما به يصيرُ الخطابُ مخصوصاً، وهي إرادة النَّاطقِ بالصِّيغة كونَها خاصَّةً، هذا هو المحقَّقُ على قول من قال: إن للعموم صيغةً.

ولا يَحْسُنُ ممَّن (٢) منعَ تأخيرَ البيانِ عن وقت الخطاب أن يجعلَ النَّسخَ بياناً لوقت الحُكْمِ؛ لأن النَّاسخ لا يكون إلا متأخَرَاً عن وقت المنسوخِ عنه، ولا يجوزُ النسخُ إلا كذا، فلو كان بياناً، لَمَا اجتَمَعَ طرفا مذهبهِ، بل تناقضَ غايةَ التَّناقضِ؛ لأن النًسخَ مِن شَرْطه أن يقعَ متراخياً عن المنسوخ، والبيان من شرْطه أن لا يتأخَرَ عن الخطاب المبيِّن، بل يكونُ به مقترِناً، فقد بأنَ أن النسخَ رَفعُ ما قُصِدَ واريدَ إثبات حكمِه بالخطاب الأولِ، والتخصيص بيانُ ما أُريدَ بالخطاب مما لم يُقْصَدْ به.

فصل

وأما ما اتَفَقَ فيه النَسخُ والتًخصيصُ، فيجبُ أن نقولَ: إنهما


(١) انظر الصفحة (٣٥) و (٢١٠) وما بعدهما.
(٢) غير واضحة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>