عبارتِه بدلًا من سَكْتَةٍ يخجلُ بها، ويتَضِحُ بها انقطاعُه، فيبدِّلُ السكوتَ بالاستفسار إيهاماً للحاضرين أنه إذا فسَّرَ لي معنى هذا تَكلَمتُ عليه، وإنما المعيقُ لي عن الكلام عدم فهمِ معناه، أو يَحيدُ (١) عن النَظَرِ، ويتعلَق بذلك تعلقَ المتحيِّرِ.
مثال ذلك: أن يقولَ في مسألة ينجَرُّ الكلامُ فيها إلى الأصلَح، فيقولَ السائلُ: وما الأصلحُ؟ فيقولَ المجيبُ: هو الأحكمُ الأتقنُ الأصوبُ. فيقولَ: وما الأصوب الأحكمُ؟ فهذا ما ينبغي للمجيب أن يَدخلَ فيه ولا يَتقبلَه، لأنه متى ما تقبلَ ذلك وشرعَ في تفسير الواضحِ، لَزمَه أن يُجيبَ عن الأوضحِ، فلا يتناهى السؤالُ والجوابُ.
وإنما يسوغُ الاستفسارُ والمراجعةُ فيما يترددُ المعنى فيه وَيشترِكُ، فأمَّا مع عدم التَّردُّدِ والاشتراكِ فلا وجهَ للاستفسار، أو يكونُ في العبارة نوعُ تغييرٍ وإَغماضٍ، فيطلبُ تفسيرَها بالأكشَفِ، وما خرجَ عن هذه الأقسامِ فالاستفسارُ عنه بطالةٌ وإطالةٌ.
فصل
في الانقطاع بالرجوع إلى التسليم
اعلم أن الانقطاعَ بالرجوع إلى التسليم: عجزٌ عن الاستتمام بما سُلَّمَ إلى الرجوع عنه، وسواءٌ كان ذلك تسليمَ جدلٍ أو تسليمَ اعترافٍ؛ لأن الخصمَ إنما يُسلَمُ تسليمَ الجدلِ ليُوقعَ المنازعةَ في التفريع عن الأصل دونَ الأصلِ، وذلك أنه لمَّا كان له أن ينازِعَ في