للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحسوساتِ، ولا من طريقِ اللغة، لأنَّ اللغةَ تتبعُ حقائقَ الموجوداتِ من المسمَّياتِ، فلم يبقَ إلا أنَّه قصدَ الأحكامَ والصفاتِ الشرعيةَ التي يترتبُ عليها الإجزاءُ والاعتدادُ.

ومنها: أنَّ قوله: "لا صلاةَ إلا بأمِّ الكتابِ"، متى أثبتنا "مجزئةً"، فقد ثبتت حسَّاً وقطعاً من طريقِ الصورةِ، فإذا أثبتناها صحيحةً مجزئةً أيضاً، لم يبق لنفيه صلى اللهُ عليه وسلَّم حقيقةٌ، وكلُّ قولٍ أبطَلَ ما نفاهُ صاحبُ الشرع، كان باطلاً، كما أنَّ كلَّ قولٍ أبطلَ ما أثبته، كان باطلاً (١).

فصلٌ

في شبهِهم في ذلك

قالوا: النفي في هذه الألفاظِ لا يجوزُ أن يكونَ راجعاً إلى نفي المذكورِ من الصلاةِ والنَكاحِ والأعمالِ، فإنَّ ذلكَ كلَّه موجود حسَّاً وحقيقةً، فلم يبقَ إلا أن يكونَ راجعاً إلى غيرِه، وذلكَ الغيرُ ليس بمتَّحِدٍ، بل له أعيان عدَّة: الصحةُ والإجزاءُ، والفضلُ والكمالُ، وليس حملُه على أحدِهما بأولى من الآخرِ، ولا يجوزُ الحملُ عليهما -يعني الإجزاءَ والفضيلةَ- لأنَّ حملَه على نفي الفضيلةِ والكمالِ، يقتضي صحةَ الفعلِ، لأنَّ الفضلَ فرعٌ على الصحةِ، وحملُهَ على نفي الجوازِ يمنعُ صحةَ الفعلِ.

ولأنَّ الفضيلَة والجوازَ معنيانِ مختلفان، فلا يجوزُ حملُ اللفظِ


(١) "التبصرة" (٢٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>