ومنها: أنَّ الخصوصَ يتناولُ الحكمَ بصريحِه، والعامَ يتناولُه بظاهِره، لأنَه يحتملُ أن يرادُ به غيرُ ما تناوله الخاصُ، فيقضى بالذي لا احتمال فيه على ما فيه احتمال.
فصل
في شُبهةِ المخالف
أنَّ العامَّ قويَ بالاتفاقِ عليه، وضعفَ الخاص بالاختلافِ فيه، فوجَبَ أن يقضى بالأقوى على الأضعف.
يوضِّح هذا: أنَّ اتفاقَ العلماءِ معصوم مقطوعٌ به.
فيقال: لا نسلِّم أنَّه متفق على استعمالِه فيما لا يتناولُه الخاصُ بخصوصِه، وهذا لا يَمنعُ من جوازِ تخصيصِه، ألا ترى أنَّ استصحابَ الحالِ في براءةِ الذِّممِ بدليلِ العقلِ، متفق عليه في الجملةِ فيما لم يتناوله دليل شرعي ثم إذا وردَ دليل شرعي نُقِلَ عنه، وإن كان الدليلُ مختلَفاً فيه، على أنَهم قد ناقضوا في هذا، فإنهم قضوا بالنهي عن أكلِ السمك الطافي، وإن كان مختلفاً فيه، على قوله: - صلى الله عليه وسلم -: "أحلّت لكم مَيْتتان ودَمان"(١) وإن كان مُجمعاً عليه.
فصل
إذا تعارض خبرانِ، وأمكن استعمالُهما ببناءِ أحدهما على الآخرِ, وجبَ أن يُبنى أحدُهما على الآخرِ.
وقال أهلُ الظاهرِ: يسقطانِ، ويُبقى على حكم الأصل.
(١) أخرجه أحمد ٢/ ٩٧، وابن ماجه (٣٣١٤)، والبيهقي ١/ ٢٥٤، والبغوي (٢٨٠٣). من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُحلّّت لكم ميتتان ودمان. فأمَّا الميتتان فالحوت والجراد، وأمَّا الدمان، فالكبد والطِّحال".