للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في المعارضةِ المُغَيَّرَةِ

اعلم أن المعارضةَ المغيَّرةَ لا تخلو أن تكونَ غُيرَتْ بنقصانٍ، أو زيادةٍ، أو قَلْبٍ، أو إبدالٍ، أو نقلٍ.

فالنُقصانُ (١): كقول السائلِ: إذا لم يَكُنْ في الشاهدِ عالِمٌ إلا بعِلمٍ، فما تُنْكِرُ أن لا يكونَ في الغائبِ عالِم لا بعلم؟

فيقولُ الجاحدُ للصِّفات: هذه معارضة مبتورةٌ (٢)؛ لأن الإِتيانَ بها على التَّمام أن يقالَ: إذا لم يَكُنْ في الشاهدِ عالِمٌ إلا بعلم من حيث يَعلَمُ تارةً ولاَ يَعلَمُ تارةً، فما تُنكِرُ أن لا يكونَ في الغائبِ إلا كذا؟

وهذا بناءً على أصلِ المعتزلةِ، وأن التعليلَ إنما يقعُ في الجائزاتِ، وأن الواجباتِ لا تُعللُ بل يُستغنى بوجوبِها عن عِلَةٍ.

وأهلُ السنَةِ يخالفون في ذلك، ويقولون: إن الواجبَ يُعلَّلُ بعلَّةٍ واجبةٍ، وعلة كونِ العالِمِ عالِماً هو العِلمُ شاهداً وغائباً، وهذا مما لا ينقطعُ فيه الغائبُ عن الشاهدِ، فافْهَمْ ذلك.

والجوابُ عنه: أن تُوضَحَ أن العلَّةَ الموجِبَةَ كونَ العالِمِ عالِماً هي العلمُ لا الذَّاتُ؛ إذ لا ذاتَ تُوجِبُ كونَ العالِم عالِماً إلا العِلمَ، وعندهم (٣) أن ذاتَ القديمِ اوجَبَتْ له كوَنه عالِماً وليست عِلماً، وهذا


(١) ذكرها الجويني ومثل لها في "الكافية" ص ٤٢٤:
(٢) في الأصل:"منثورة".
(٣) أي عند المعتزلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>