للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَرَفْتُه، وذلك الأصلُ مما يُمكِنُ أن يُختَلَفَ فيه؛ لأنه ليس بعلمِ حسٍّ، وهو استدلالٌ، فإن كنتَ معترِفاً به أو مسلماً له على غيرِ اعترافٍ، دَلَلْتُك به بعدَ الاعترافِ والتَسليمِ، وإن كنتَ تُنكرُه وتُخالِفُ فيه، فاصْرِفِ السؤالَ إليه، حتى إذا حَق عندَك، ودخلَ بذلك في باب المجمَعِ عليه، أرَيْناك إيجابَه لصواب ما سألتَ عنه، فإن أبى هذا، فهو بمنزلةِ من قال: وصِّلُوني إلى آخر المسافةِ من غيرِ أن تَسلُكُوا بي في وسَطِها، أو تَمُروا (١) بي على أولِها. فهذا هو العَنَتُ والبَغْيُ والظُّلمُ البَينُ من طالبِه (٢).

على أنه يقالُ له عند إثباته: إنَا لا ندَّعي أنَا وصَلْنا إلى معرفةِ ما سألْتَ عنه إلا بالأصل الذي أَوْمَانا إليه، فإن أردْتَ معرفتَه على الوجهِ الذي منه عَرَفْناه، عَرفْناكَهُ كما عَرَفْناه، وعَرفْناك علَّتَه، وإن لم تُرِدْ ذلك، فلسنا نقدرُ على غيرِه.

فإن قال: لو كان اللَّونُ حقَاً، لوَصلْتم إلى معرفتِه من غيرِ البَصَرِ، كان هذا القولُ بَينَ الفسادِ؛ إذ لا مُدرِكَ للونِ سوى المبصِرِ، فهذا بيانُ من طلبَ دَرْكَ الشيءِ من غيرِطريقِه.

فصل

السؤالُ على من أجابَ هذا الجنسَ من الجوابِ

اعلم أنه لا سؤالَ على من أجابَ بمثلِ هذا الجوابِ إلا من ثلاثةِ أوجهٍ، سنذكرُها إن شاءَ الله:


(١) كتبها الناسخ: "مروا".
(٢) غير واضحة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>