فلا يخلو السائلُ أن يكونَ منكِراً للأصلِ الذي استشهدَ به المجيبُ، أو معترِفاً به.
فإن كان منكِراً: فلن يخلوَ أيضاً من أحدِ قولين: إمَّا أن يكونَ عالِماً بأنه لو صحَ لأوجبَ الفرعَ الذي أضافَه إليه المجيبُ، أو عالِماً بأنه لا يُوجبُه صحَ أو بَطَلَ.
وإن كان معترِفاً به: فليس يخلو أيضاً من أن يكونَ عالِماً بأنه يُوجبُ ذلك الفرعَ، أو لا يُوجِبُه.
فإن كان منكِراً له عالِماً بايجابه للفرع لو صحَّ، لم يَكُنْ له أن يسألَ عن تسليمِه؛ لأنه إن سَلمَه، لم يَلْبَثِ المجيبُ أن يَدُل به على صحةِ ما أبطلَه وخالفَ فيه من فرعِه، ولكن يَطعُنُ فيه نفسِه، وُيجاذِبُ المجيبَ فيما ادعى من صوابِه حتى يُبطِلَ بإِبطالِه إياه فرعَه.
وإن كان منكراً عالِماً بأنه غيرُ موجب لذلك الفرع ولو كان صحيحاً، فله أن يسألَ فيه من وجهَيْنِ: أحدِهما: ما ذكرنا، والثاني: على تسليمِه؛ لأنه لا يَلبَثُ أن يَرى المجيبُ بالمساءلةِ مفارقتَه لما شبهَهُ به، وبأنه غيرُ موجِبِ له، فلا يَجِدُ المجيبُ بُداً من إبطالِه والرجوعِ إلى مذهب السائل فيه؛ لأنه قد تقدمَ الإِقرارُ بأنه لا يَثبُتُ لإِثباتِ هذا الأصلِ، وإذا كان هذا والأصلُ غيرُ ثابتٍ فقد بأنَ سقوطُه.
وإن كان معترِفاً به عالِماً بإيجابِه لِمَا أَوجبَه المجيبُ به، فليست له عليه مسألةٌ، وإنما يكونُ له أن يسألَه فيه مع اعترافِه من حيثُ يُوضحُ للمجيبِ مفارقتَه له، وذلك بأن يقولَ للمجيبِ: وما الدليلُ على أن هذا