في بيان حدود، ورسوم، وخصور، لا يُستَغنى عن بيانها، لحصولها مُبددة في الكتاب، واستناد الأبواب والفصول إليها، واعتمادنا في هذا الكتاب عليها.
فصل
في النظر: وهو الأصل في تَحصيل هذا الأمر، والطريق إليه. وهو: اسم مشترك يَقع على الرؤية بالبصَر، قال سبحانه: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)} [القيامة: ٢٢ - ٢٣]، وعلى الانتظارِ للمنتَظِر، والتَّوقع له {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}[النمل: ٣٥].
وهو ها هنا: التأفُل والتفكُر والاعتبار بمعرفة الحق من الباطل، والفَصل بين الحجة والشُبهة، وهو فِكرة القلب، وتأمله، ونَظرهُ المطلوب به علمُ هذه الأمور، وغلبةُ الظنَ لبعضها، وقد يصيب الناظرُ فيها وقَد يُخطىءُ، وكِلاهما نظرٌ منه، وقد ينظر في شُبهٍ وفي دَليل، وقد يَصل بنظره إلى العِلم تارةً إذا سَلَكَ فيه المسلكَ الصحيحَ ورتّبه على واجبه ومقتضاه، وقد لا يَصل إليه إذا قَصَّر وغَلِط وخَلط فيه، أو نظر فيما هو شبهة وليس بدليل.