للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

فيما تعلقوا به

فمن ذلك قولهم: ما أمرُ فلانٍ بسديد، قال سُبحانَه: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧)} [هود: ٩٧]، وقال سبحانَه: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: ٣٨]، وقال الشاعر:

فقلت لها: أمْري إلى الله كُله ... وإنّي إليه في الِإيابِ لراغبُ (١)

قالوا: ولأنَّ الأمرَ مأخوذٌ من الأمارة، وهي: العَلاَمة، وفي الفِعْل أمارَةٌ على ما يُراد، فالنبيّ صلى الله عليه وسلم إذا فَعَل فِعلاً، فانما فعله ليُقتدى به.

فصل

في الأجوبة عنه

أما قولُهم: أمْرُ فُلانٍ، فالمرادُ به: حالُه وشأنُه، والحالُ والشأنُ ليس بأمرٍ حقيقةً، وأما أضافَهُ الله سُبحانَه إلى فرعون، فلا حاجةَ بنا إلى حَمْلهِ على الفعْل، فإنَه سُبحانه أخْبَرَ عنه بأن قال: {قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (٢٩)} [غافر: ٢٩]، فكذّبه الله فيما قال، فقالَ: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ (٩٧)} [هود: ٩٧] يعني ما يدعو إليه.

على أنه لو كانَ في الجميعِ يُراد به الفعلُ والحالُ والشأنُ، فإنهُ مجازٌ، ولذلكَ يَحْسُنُ أن يُقالَ: ما أمرتُ ولا أمرَ فلانٌ، وإن كان فَعَل، وكانَ له حالٌ وشأنٌ.

وأمّا قولُهم: إنه من الأمارةِ، فلا يُعرفُ ذلكَ عن موثوقٍ به في


(١) البيت دون نسية في مجالس ثعلب ٢/ ٥٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>