اعلم أن فسادَ الاعتبارِ يَتَسعُ القَوْلُ فيه وتكْثُرُ أنواعُه، فمن ذلك: أن يقولَ المستدل على أن قَدْرَ الدرهم من النجاسةِ يجبُ إِزالتُه: إِنها نجاسة مَقْدور على إِزالتِها من غَيرِ مَشَقةٍ، فوجب اعتبار إزالِتها لصحَّةِ الصلاةِ، كالزائدِ على قَدْرِ الدرهم.
فيقول المعترض: إِنك اعْتَبرتَ القليلَ بالكثيرِ في التحريمِ، والأصول فَرقَتْ بين القليلِ والكثيرِ، لأنً القليلَ من العملِ لا يفْسِد الصلاةَ والكثيرَ يُفسدُها، وكذلك كلام الناسي وغيرهما، فكان اعتباراً فاسِداً.
فالجواب عن ذلك: إِما عن طريق مَنْ يوجب الدلالةَ على صحةِ العلَّةِ في الأصل، ولا يكْتفى فيها بالطرْدِ ولا بسلامتها على الأصولِ، فلا يلزَمه الجوابُ عن ذلك، لأَن الدلالةَ إذا دلَّتْ على صحَّةِ العلَّةِ في الأصْلِ وكانت موجودةً في الفَرْعِ وجَبَ اجتماعُهما في الحكْمِ، وما
(١) انظر في هذا الفصل: "شرح الكوكب المنير"٤/ ٢٣٦ و"التمهيد" ٤/ ١٩١ و"شرح مختصر الروضة"٣/ ٤٦٧ و"رشاد الفحول": ٣٨٦ و"الإحكام للآمدي" ٤/ ٧٦.