للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصْلٌ

في أدلتنا

فمنها: قوله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤]، وقوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] ولم يفْصل بين القولِ والفعلِ في تخصيصِ العمومِ، وبيانِ المجملِ، وغيرِ ذلك من البيان، فكان ذلك على عمومِه المقتضي لدخولِ قولِه في البيانِ وفعلِه.

ومنها: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - لمَا سمعَ أنَّ قوماً تَحرَّجُوا من استقبالِ القبلةِ بفروجهم في البنيان -قيل: قبلتنا، وقيل: قبلة بيت المقدس بعد نسخها-، أمرَ بتحويلِ مَقْعَدَتهِ إلى القبلة، وهذا قصا منه - صلى الله عليه وسلم - إلى بيان تخصيص العموم الذي قاله في التحريم: "لا تَسْتَقْبِلوا القِبْلَةَ، ولا تَسْتَدبروها ببول ولا غائط، لكن شرقوا أو غربوا" (١)، ورويَ: أنَّه نهى عن استقبال القبلةِ بالبول والغائط (٢)، فصارَ تحويلُه لمَقْعَدَتِه نحوَ القبلةِ تخصيصاً لذلك العمومِ، وبياناً أنّه لم يدخل تحتَ ذلكَ البنيانُ، ولا ما بعدَ النسخ.

ومنها: أنَّ ما فعله ابتداءً كان تشريعاً، كذلك ما فعله بَعْدَ العُمومِ كان تشريعاً، وإذا كان تشريعاً، صارَ تخصيصاً؛ إذ لا يمكنُ أن يكونْ الاستقبالُ شرعاً، والعمومُ الأولُ باقٍ على عمومهِ؛ من حيث إنَّ استقبالَها ليس بشرع.


(١) أخرجه البخاري (٣٩٤)، ومسلم (٢٦٤) من حديث أبي أيوب.
(٢) انظر ما تقدم في ٣/ ٣٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>