للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا من حيثُ يَلزَمه ذاك بمذهبه، وتركِ الإِخراجِ له عن الحَدِّ الذي ينبغي أن يكونَ عليه في السؤال أو الجواب، وتركِ الاستصغارِ له، والاحتقارِ لِمَا يأتي به، إلا من حيثُ تُلزِمُه اَلحُجِّة إياه، والتَّنبيهِ (١) له عن ذلك إن بَدَرَ منه، أو مُناقَضَة إن ظَهَرَتْ في كلامه، وألا يُمانِعَه العبارةَ إذا أدَّتِ (٢) المعنى وكان الغرضُ إنما هو في المعنى دونَ العبارة، وأن لا يَخرُجَ في عبارته عن العادةِ، وأن لا يُدخِلَ في كلامِه ما ليس منه، ولا يستعملَ ما يقتضي التَّعدَّيَ على خصمه -والتَّعدِّي: خروجُه عما يقتضيه السؤالُ والجوابُ -، ولا يَمنَعَه البناءَ على أصلِه، ولا يُشَنِّعَ ما ليس يُشنَّعُ من مذهبه، أو ما يعوذ عليه من الشَّناعةِ مثلُه، ولا يأخذَ عليه شرفَ المجلسِ للاستظهارِ عليه، ولا يستعملَ الِإبهامَ بما يخرُجُ عن حَدِّ الكلامِ.

فصل

في الغضب الذي يَعْتَرِي في الجدل

اعلم أنه إذا دخلَ المُجادِلُ على توطين النَفسِ على الحِلْمِ عن بادِرَةٍ إن كانت من الخصمٍ، سَلِمَ من سَوْرةِ (٣) الغَضَب، واعلم أن تلك البادرةَ لا يخلو أن تكون من رئيسٍ تَعرفُ له فضلَه، أو نظيرٍ تَغفِرُ له زَلَله، أو وضيع ترفعُ النفس عن مُشاغبتِه ومُقابلتِه، فإذا عَرَفْتَ ذلك


(١) في الأصل وفي "شرح الكوكب المنير" ٤/ ٣٩١: "التنبه".
(٢) في الأصلى: "أردت"، وصححناها كما في المتن، وهو الموافق للمثبت في "شرح الكوكب المنير" ٤/ ٣٩٢.
(٣) سَوْرَةُ الغضب: حِدَّته ووثوبه. "اللسان"، و "مختار الصحاح" (سور).

<<  <  ج: ص:  >  >>