للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

فإنْ [كان] أحدُ الراويينِ مباشراً لما رواهُ، كانَ مقدَّماً مرجَّحاً على روايةِ غير المباشرِ، وذلكَ مثلُ روايةِ أبي رافع: أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نكحَ ميمونةَ وهوَ حلالٌ (١)، فإنّهُ أَولى من روايةِ ابنِ عباسٍ: أَنَّهُ نكحَها وهوَ حرامٌ (٢)، لأَنَّ أَبا رافع كانَ السَّفيرَ بينَهما، والقابلَ لنكاحِها لرسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فهوَ بذلكَ أَخبرُ مِمَّنْ لم يلابسِ الأمرَ ولَمْ يباشِرْهُ.

فصلٌ

فإنْ كانَ أحدُ الراويينِ صاحبَ القصَّةِ، كما رَوَتْ ميمونةُ: "تزوَّجَنيْ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ونحنُ حلالانِ" (٣)، فإنَّه تُقدَّمُ روايتُها على روايةِ ابنِ عباسٍ؛ لأَنها أعرفُ بِعَقْدِهِ وَحَالِهِ حينَ عَقَدَ مِنْ غيرِها، لاهتمامِها بِهِ ومراعاتِها لحالِهِ ووقتِهِ.

وخالفَ في ذلكَ الجُرْجانىُّ منْ أصحابِ أبي حنيفةَ، وقالَ: قدْ يكونُ غيرُ المُلابسِ أعرفَ بحالِ رسولِ اللهِ وأقربَ. وهذا بعيدٌ مِنَ القولِ؛ لأنَّ البعدَ منَ القصَّةِ يُبعدُ عن فهمِها وفهمِ حال مُلابِسِها في غالبِ الأحوال، فلا عبرةَ بما يَندُرُ.


(١) أخرجه أحمد ٦/ ٣٩٢، والترمذي (٨٤١)، وقال: حديث حسن.
(٢) أخرجه أحمد (٢٣٩٣)، ومسلم (١٤١٠)، والطحاوي ٢/ ٢٦٩، وابن حبان (٤١٣٣)، وابن سعد ٨/ ١٣٥.
(٣) أخرجه أحمد ٦/ ٣٣٢ - ٣٣٣ - ٣٣٥، ومسلم (١٤١١)، وأبو داود (١٨٤٣)، والتر مذي (٨٤٥)، وابن ماحه (١٩٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>