ودَوَّمَت في الحجر، لا بالأخيرةِ على الانفرادِ، ولا بالأولى، لكن بتتالي ذلك، ودوامِه وبناءٍ بعضه على بعضه، والمللَ الحادثَ من الكلمةِ بعد الكلمةِ، والسَّأَمَ، إنما يحدث باتصالِ الكلامِ والمخالطةِ، يقالُ: أكثرَ كلامَه، فسئمناه، وأطالَ القعودَ عندنا، فمللناه، وعلى هذا.
فصل
في جمع شُبَهِهِم
فمنها: أنْ قالوا: لو كانَ العلمُ واقعاً بفعلِ الله سبحانَه على مقتضى العادةِ، لكانَ تارةً يحصل بإخبارِ جماعةٍ بمثلهم يحصل التواتر، وتارةً يخبرُ مثلُ ذلكَ العدد بالخبرِ، فلا يحصلُ العلم، كما أنَّ حصولَ الولدِ عند اجتماعِ الزوجينِ، لمَّا كان بفعل الله سبحانه على اطِّرادِ العادةِ، كان تارةً يحصلُ، وتارةً يعزبُ.
فيقال: إنَّ كونَ العلمِ واقعاً لا محالة، ليسَ مما يدلُّ على أنَّه متولدٌ، بل فعل الله تعالى قد يقعُ على وجهٍ لا يقعُ على غير ذلك الوجهِ لا محالة، ولأنَّ الله سبحانه قد أجرى العادةَ بأن يحصلَ العلمُ الضروريُّ عندَ هذا الخبرِ المخصوصِ، فدعوى التولُدِ لا وجهَ لها (١)، وإنَّما يصح هذا، إن لو استمرَّ أنَّ كلَّ شيءٍ حدثَ عقيبَ شيءٍ لا محالة، كان متولداَ بسببه، وليس الأمرُ عندنا كذلك، بل كل حادثٍ فالله يحدثه، حتى إنَّ المعلولَ يكونُ عند العلةِ وعقيبَها، وليست هي الموجبةَ، عقليةً كانت، أو شرعيةً، فالتحرك كانَ عند الحركةِ، لا أنَّ