للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صائماً" (١)، وقوله صلى الله عليه وسلم في المشي بينَ الصفا والمروة: "اسعَوا، فإن الله كتبَ عليكم السَّعي" (٢)، وقوله للخاتِنة: "أشَمِّي ولا تُنهِكي" (٣)، فإنَ هاتين الهيئتين مندوبتان، والاستنشاقُ وأصلُ المشي بين الصفا والمروةِ جميعاً واجبان (٤)، خلافاً لأصحابِ أبي حنيفة (٥)، حكاه الجُرجاني وأنه يكونُ الاستنشاقُ وأصلُ المشي بين الصفا والمروة غيرَ واجبين.

فصل

في ذكر حجتنا على ما ذهبنا إليه

أنَ الأمرَ بالسعيِ والمبالغةِ قد دلا على الأمرِ بأصلِ المشي، وأصلِ الاستنشاق، فلما قامت دلالة الندبِ على نفيِ الوجوبِ للهيئتين، بقيَ الأصل مأموراً به أمراً مطلقاً،


(١) أخرجه الشافعي في "مسنده" ١/ ٣٠، ٣١، وأحمد ٤/ ٢١١، وأبوداود (١٤٢)، (١٤٣)، (٢٣٦٦)، والترمذي (٣٨)، (٧٨٨)، والنسائي ١/ ٦٦، ٧٩، وابن حبان (١٠٥٤) من حديث لقيط بن صبرة.
(٢) أخرجه أحمد ٦/ ٤٢١ - ٤٢٢ والشافعي ١/ ٣٥٢، والطبرأني في الكبير ٢٤/ (٥٢٩) و (٥٧٦) و (٨١٣)، والدارقطني ٢/ ٢٥٥ - ٢٥٦، والحاكم ٤/ ٧٠. من حديث حبيبهَ بنت أبي تجراة.
(٣) رواه أبوداود (٥٢٧١). ومعنى أشفي ولا تُنهكي: أي اقطعي بعضَ النواة ولا تَسْتأصليها.
والنهك هو المبالغة في الضرب والقطع. وقد شبه القطع اليسيرَ بإشمام الرائحة، أي: لا تبالغي في استقصاء الختان."النهاية" ٥/ ١٣٧.
(٤) اختلفت الرواية عن أحمد في السعي، فرويَ عنه أنه ركن لا يتمُّ الحجُّ إلأ به، ورويَ أنه ستة لا يجب بتركه دمٌ.
وقال القاضي أبويعلى: هو واجبٌ وليس بركن، إذأ تركه وجب عليه دم، وهذا ما رجَّحه صاحب "المغني" وهو رأيُ الحنفية.
انظر "المغني" ٥/ ٢٣٩، و"البناية" ٣/ ٥٠٩.
(٥) رأيُ الحنفية ان الطوافَ من واجبات الحج، لا من أركانه. وهو قول ابن عباس، وعبد الله بن الزبير وعروة بن الزبير والحسن البصري، وعطاء، ومحمد بن سيرين ومجاهد.
انظر "البناية على الهداية" ٣/ ٥٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>