للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الجواب عنها

إنَ المرادَ بقوله: أخذتُ بثوبِه وركابِه. أي: علِقتُ بهما، والتعلُّقُ بدلالةِ الحالِ في أنَّ الإنسانَ لا يتعلَقُ بجميعِ القميصِ ولا بجميعِ الركابِ، ولا يمسحُ برأسِ اليتيم إلا للرحمةِ والحنوِّ والإشفاقِ، دون التعميم بِدلائلَ وقرائنَ منعت التعميمَ، فأمَّا أن تكونَ الباءُ أفادت باطلاقِها التبعيضَ، فلا؛ ألا ترى أنه يقولُ: وقفتُ بعرفة، وبالدارِ، وبالربعِ. ولا يحسُنُ أن يقولَ: وقفتُ عرفةَ، ووقفتُ الدار كما لا يحسُنُ أن يقولَ: وقفتُ زيداً. بل: وقفتُ بزيدٍ. ويكونُ المراد بإطلاقِ اللفظِ إلصاقَ الوقوفِ بالدارِ, وعرفةَ، كذلكَ قولُه: مسحتُ برأسي. يعطي الإلصاقَ.

ومن أحوالِ الواوِ (١): أن تقع بدلاَ من الباءِ، والباقي القسمُ، فتقولُ: والله. بدلاً من قولك: بالله.

ومن أحوالها (٢): وقوعها موقعَ رُب، قال الشاعر:

ومَهْمَهٍ مُغْبرَّة أرجاؤهُ (٣)

مكان قوله: رُبَّ مهمهٍ.

ومن أحوالها: أن تقعَ موقعَ أو، قال الله تعالى: {أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [فاطر:١]، {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣]، والمراد به: أو ثلاث أو رُباع، فهذه أحوالُ الواوِ.


(١) تقدم الكلام على "الواو" في الصفحة: ٢٩٨، وما أورده المصنف هنا تتمة لما سبق.
(٢) تحرفت في الأصل إلى: "حوالها".
(٣) البيتُ لرؤبة بن العجاج، وتمامه: "كانَ لونَ أرضهِ سماؤه". وهو في "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة: ١٩٧، و"شرح شواهد المغني" للسيوطي ١/ ٩٧١، بهذا اللفظ، وورد في ديوان رؤية: ٣، وفي "اللسان": (عمى) بلفظ:
وبلدٍ عاميةٍ أعماؤه ... كان لون أرضه سماؤه

<<  <  ج: ص:  >  >>