إنه قولٌ يؤدي إلى الطَّعن فيهم وفي جميع الصَّحابةِ، أما الطَّعنُ فيهم؛ فإنهم لَمَّا أرادوا الإِمامةَ، قد بَرَزُوا في مقابلة كُل مكافح لهم في معنىً من المعاني، والصَّوْلُ أكبرُ من القول، ولم يَرْشَحُوا بما ذهبوا إليه إلى من تابعَهم على قتال من قاتَلَهم، ولا كاتَبُوا بما عَلِمُوه من الأحكام مما خُولِفُوا فيه مَنْ ناصَبَهم، وهذا بعينه دليلُنا على إعجاز القرآنِ، والردُ على من زعمَ أن القومَ قَدَرُوا، لكنْ أهْمَلُوا أمرَ المعارضةِ لقلِّة اكتراثِهم.
فقلنا: مُحالٌ أن نتحدَّاهم بالأسهل عليهم، وهو القولُ الذي يحصلُ به التَّكذيبُ، فيعدِلُوا إلى الأصعب، وهو الصَوْلُ الذي ليس فيه ما يَدُلُّ على الكذب، كذلك ها هنا لا يجوزُ أن يَعْدِلُوا -هؤلاء- عن القول لِمَا عَرَفُوه، والعدولُ عنه إلى الحِرابِ والقتالِ.
فصل
ويلزمُ العامِّيَّ: أن يعرفَ حالَ المفتي فيما لا غَناءَ عنه، فإذا سألَ عنه فوجدَه من أهل الفتيا، جازَ أن يستفتيَه (١)، وقد سبقَتْ صفاتُ العالِمِ المستفتَى، فأغنى عن الِإعادة.
ولا يجوزُ له أن يستفتيَ من شاءَ، هذا مذهبُ أحمدَ رضي الله عنه، وجمهورالعلماءِ من الفقهاء والأصوليين.