للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحُكِيَ ان قوماً أجازوا أن يستفتيَ غيرَه من غير تعَرُّفٍ لحاله في العلم والأمانةِ، كما يجوزُ أن يأخذَ بالقول من غير مسألةٍ عن الدَليل والحجَّةِ فيما أَفتاه به.

وهذا اعتلالٌ باطلٌ؛ لأن إجماعَ الأمَّةِ على خلافه؛ لأنهم كانوا لا يُجيزون للإِنسان أن يستفتيَ كُلَّ واحدٍ، ومن ليس من أهل العلم بهذا الشَأنِ، بل كان منهم من كان "يُلْزِمُ العامِّيَّ الاجتهادَ والمسألةَ في الأعلم منهم والأعدلِ والأفضلِ، [و] إذا (١) لزمه اجتهاده عند المسالةِ إلى أن منهم من هو أعلمُ وأورعُ وأفضل، لَزِمَه الأخذ بقوله دون الأخذِ بقول من قَصَرَ عنه، ومنهم من كان يعلمُ عدالَة الراوي، ثم يُحَلِّفُه مع عدالتِه، وهو على بن أبي طالب (٢) -كرَّمَ اللهُ وجهه-.

ومعلوم أنَ تقليدَ العالِمِ للراوي كتقليدِ العاميِّ للفقيه في الاستفتاءِ، وأيضاً فإنَ المستفتَى، إذا لم يتقدمْ البحثُ عن حاله جازَ أن يكونَ كالمستفتِي في الجَهْل بالحكمِ المسؤولِ عنه، فلا يفيد سؤالُه فائدةً، لانَّهما سواء، فلا وجهَ لتقديمِ أحدِهما بأن يكونَ متبوعاً، ومُستفتىً على الآخر، كما لا يلزمُ استفتاءُ العالِم عالماً لتساويهما،


(١) زيادة يقتضيها السياق.
(٢) أخرجه أحمد ١/ ٢ و٩ و١٠، وأبو داود (١٥٢١)، وابن ٤، جه (١٣٩٥)، والترمذي (٤٠٦) و (٣٠٠٦)، والنسائي في "عمل اليوم والليلة" (٤١٤) و (٤١٥) و (٤١٦) و (٤١٧) عن أسماء بن الحكم الفزاري، عن علي رضي الله عنه قال: كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً نفعني الله بما شاء منه، وإذا حدثني عنه غيري استحلفته، فإذا حلف لي صدقته، وأن أبا بكر رضي الله عنه حدثني -وصدق أبو بكر- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال ... ، فذكر حديثاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>