للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يجوزُ أن تأتيَ بالجنسِ الأعلى وأنت تقدرُ على الأدنى، مثل، قولِك في حَدِّ الإنسانِ: جَوهرٌ أو جسم، وأنت تقدرُ أن تقولَ: حيّ، ولا باللَّفظِ الأطولِ وأنت تقدرُ على الأقصرِ، مثلُ قولِك: يمشي على رجلَيْنِ، ويَبطِشُ باليَدَيْنِ، ولا بالأعمِّ وأنت تقدرُ على الأخَصِّ، مثلُ قولِك: جسم. وأنتَ تَقْدِرُ على: حَيٌّ.

فصل

فإذا ثَبتَ حَدُّ العِلم، وبَيانُ معنى الحد، فما الأحكام التي تميَّز بها حَد الفِقه في قولنا: العلم بالأحكام الشرعية؟ فهي القضايا الشرعية، وذلك هو: الِإباحة، والحَظْر، والإِيجاب، والنَّدب، والكَراهة، والتَّنْزيه، وقد أدخل قوم فيها: الشَّك، والوقف.

ولا يَسْتَحِقُّ بِمَعْرفةِ هذه الأحكام والعلمِ بها اسمَ الفقيه، إلا مَن عَلمها بطريقِ النَّظرِ في أدلَّةِ الشَّرع، وأَسند كُل حُكم إلى دليله، واسْتَثارَه بمُثير.

فصل

والعلم الذي حَدَّدناه في الجُملة يَنقسم قِسمين: قَديمٍ، ومُحدَثٍ.

فالقديم: عِلمُ الله سُبحانه، صِفة من صِفاته، ولازِم من لَوازِم ذاتِه، دَلَّ على إثباتِهِ إتقانُ أَفْعَاله، ونَصُّ كِتابه، وهو علمٌ واحِد يتعلق بالمعلومات على حَقائقها، لا يَتعدَّد بتعددِ المعلومات، ولا يَتجددُ بتجُدِد المُحدَثات (١)، ولا يُوصَفُ بكسْبِىٍّ ولا ضرورِي.


(١) لعله يقصد: أن علم الله لا يزيد عند تجدد الحوادث، كما هو الشأن في المخلوق، لأن علم الله أزلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>