للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصلٌ

فيما وجهُوه من الأسئلةِ على ما استدلَلنا به

قالوا: ليسَ الأعجمئ بأكثرَ من أنَّه لا يُعقلُ معناه، وعلى قولكم: قد خاطَبهم بالآي المتشابهِ الذي قد تكرَّر منكم القولُ فيه، وثبتَ من أصلِكم: أنَّه هوَ المنفردُ (١) بعلمِه الذي لا يَعلمُ تأويلَه إلا اللهُ، ولا يُعقلُ المرادُ به، بل هو أشد غموضاً من الأعجميِّ الذي يوجَدُ مَن يفسِّرهُ، ويكشفُ عن معناه.

فيقالُ: الآيُ المتشابِهُ من جملةِ المجازِ والاتَساع، وما تكلمت العربُ به، وهو أنَّه مصروفٌ عن مقتضاهُ في الَلغةِ إلى مايعبَّرُ به عنه استعارةً، على طريقِ التأويلِ، مثل (٢) قوله: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (٣٩)} [طه: ٣٩] [أي]: على مرأى منِّي ومنظَرٍ.

ومثلُ قوله: {وَكُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨] , يريدُ: إلا هو، لقولهم: كرَم اللهُ وَجْهَك، والمراد به: كرَّمَكَ اللهُ.

ومثلُ قولِه: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥]، {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحجر: ٢٩]، [أي]: لما خلقتُ أنا، لا بإيلادي من أبٍ وأمٍّ، وأنا توليتُ إيلاجَ الروحِ فيه، التي هي مِلكي، والتكرُّمَ


(١) في الأصل: "المنفرد به".
(٢) في الأصل: "ومثل".

<<  <  ج: ص:  >  >>