للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جوازِ نقله بالمعنى، وقد يدخلُ الروايةَ بالمعنى نوعُ اختلالٍ، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "نَضَّرَ الله امرأً سمعَ مقالتي، فوعاها، فأدَّاها كما سمعها، فربَّ حاملِ فقهٍ غيرُ فقيهٍ، وحاملِ فقهٍ إلى مَن هو أفقهُ منه" (١)، والقراَنُ محفوظُ الألفاظِ، فالحكمُ فيه أشدُّ حفظاً، فإذا جازَ نسخُ السنة بالسنةِ، مع تجويزِ نقلها بالمعنى الذي يجوز عليه الاختلالُ بتغييرِ اللفظِ، فلأن يجوزَ نسخُ السنةِ بالقرآنِ المحروسِ، المحفوظِ المعاني بحفظ ألفاظِهِ، أَوْلى، والله أعلم.

فصلٌ

في شُبَهِهِمْ

فمنها: أنَّ السنةَ مبينةٌ للقرآن، وما وُضعَ للبيانِ لشيءٍ، لا يُنْسَخُ بذلك الشيءِ، والدلالةُ على ذلك: قولُهُ تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤].

ومنها: أنَّ السنةَ ليست من جنس القرآنِ، والشيءُ لا يُنْسَخُ بغيرِ جنسِهِ؛ بدليلِ [أَن] القرآنَ لا تنسخُهُ السنةُ، وربَّما قالوا: لمَّا لم يَجُزْ نسخُ القرانِ بالسنةِ، لم يَجُزْ نسخُ السنةِ بالقرآنِ.

ومنها: أنَّ السُّنةَ مَا عُرِفَتْ إلاَّ بالقرآنِ، فلو بَيَّنَها القرآنُ، صارت أصلاً، ولا يجوزُ أنْ يصيرَ الفرعُ أصلاً.


(١) تقدم تخريجه ١/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>