للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعلتَيْن تُوجدُ إحداهُما في الفَرْع دون الأخرى.

فإن قال السائلُ: فقد أقْرَرْتَ بصحةِ علتي التي عارضْتُ بها، وأنا لا أقر بصحةِ عِلتِك التي ادعَيْتَها، فيلزمك الدليلُ، صار هذا مطالبةً بتصحيحِ العلَّةِ وخَرَجَ عن حُكْمِ المعارضةِ.

فصل

وأما إنِ كانت العلةُ التي عارضَ بها مُتَعدِّية، نظرت، فإن كانت معلولاً بها داخلة في معلولاتِ علَتِهِ، لم تصح المعارَضةُ، لأَنَّها علَّةُ المُعَلِّلِ وزيادةٌ.

وذلك مثل: أَن يُعَللَ أَصحابُنا في إحدى الرواياتِ وأصحابُ الشافعي البُر: بأَنَّه مَطْعومُ جنْسٍ، فيقول المالكيُّ: إنَّه جِنْسٌ فكان القُوتُ داخلا في الطعْمِ، كأنَّه قال: مطعوم (١)، وكذلك قال أصحابُنا في طعامِ الكفارةِ: لا يجوزُ أَن يُعْطى منه مسكينٌ واحدٌ مُديْنِ في يَوْمَيْن؛ لَأنه مسكين استوفى قُوتَ يوْمِهِ من كفارة، فأَشْبَهَ إذا أَعطاه ذلك عن يَوْمَيْن في يَوْمٍ واحدٍ سَلَفاً لحاجتِه من الغَدِ (٢). فيقول الحنفيُّ: المعنى في الأصلِ أنَّه استوفى قُوتَ يَوْمِهِ من كفارةٍ.

لم تصِح هذه المعارَضةُ، لأنَّ يَوْمَهُ داخلٌ في علَّةِ المعلِّل من أصحابِنا، وهو اليوم المُنكَرُ، قال أبو عليِّ الطبري من أَصحابِ الشافعي: وكذلك إِذا قيل في حرمان الميراثِ بقَتْلِ الصبيِّ


(١) انظر مقدمات ابن رشد بهامش المدونة ٣/ ١٧٤.
(٢) انظر "المغني" ١٣/ ٥١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>