للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

والدلالةُ على أنه ليس الأمرُ إرادةً (١)، ولا يفتقرُ إلى صدورهِ عن إرادةٍ، خِلافاً لأهلِ الاعتزالِ، إذ قد قدمْنَا الدلالةَ على أنهُ ليس بمعنى في النَفسِ، خلافاً للأشاعرةِ (٢)، قولُه سبحانه إخباراً عن إبراهيمَ: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات: ١٠٢]، وهذا يدُلُّ على أن المَنَامَ تضمن أمراً لإبراهيمَ بذبحِ إسحاقَ أو إسماعيلَ (٣)، والمنامُ وحْيٌ في حق الأنبياءِ،


(١) مقصوده: الدلالةُ على أنه يكون أمراً لصيغته لا لإرادة الأمر، وقد ذكر هذه الأدلة أيضاً أبو يعلى في "العدة" ١/ ٢١٦ - ٢٢٢ والكلوذاني في "التمهيد" ١/ ١٣٤ - ١٣٧.
(٢) أي خلافاً للأشاعرة الذين قالوا ليسَ للأمرِ صيغةٌ في اللغة، وإنما صيغةُ "افعل" معنى قائمٌ في الذات، مشتركة بين الأمرِ وغيره، يحمل على أحدهما بقبرينة.
انظر"البرهان"١/ ٢١٢، و"المستصفى"١/ ٤١٣، و" المحصول" ٢/ ١٩.
(٣) اختلف في الذبيح من كان؟ إسماعِل، أو اسحاق عليهما السلام فرويَ عن ابن عباس، وابن عمر وعبد الله بن سلام وأبي هريرة رضوان الله عليهم، أنَّ الذبيحَ كان إسماعيلَ عليه السلام.
كما ذهب الى ذلك من التابعين سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والشعبي ويوسف بن مهران، وأبو الطفيل.
ورويَ عن ابن مسعود والعباس بن عبد المطلب وعليٍّ وضي الله عنهم، أنَّ الذبيحَ كان إسحاق وهو ما رجحه ابن جرير في تفسيره ١٢/ ٨٦.
والذي قطع به ابن كثير، وحشدَ كثيراً من النصوص والآثار لتأييده، أن الذبيح كان إسماعيل عليه الصلاة والسلام. "تفسير ابن كثير" ٧/ ٢٧ - ٣٠.
وانظر هذا الاختلاف أيضاً في "الدر المنثور" للسيوطي ٧/ ١٠٥ - ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>