للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعَذرة، أو اقتطعوا الأهمَّ والأقربَ إلى استعمالِهم من الأبْعَدِ، كاقتطاعِهم السراجَ والوتدَ إلى موضوعِهم فيما بينهم، دون ما وضَعَه الله سُبحانه من الشَمس والجبالِ. وخَف عليهم قولهم: دابة، وهو الأعمُّ فكان أسهلَ من القَولِ فيه: فرسٌ جوادٌ وطِرْف (١).

فصل (٢)

واعلم أَنّه ليس في القرآنِ ما ليس بلغةِ العربِ، وإِنَّما أَشْكلَ على قوم بلغاتٍ مُواطِئَةٍ لما عدا العربيةِ، وليس تخلو لغة من مواطأةِ لغةٍ في كلمات وأسماءٍ شاذةٍ، فأمَّا انْ تكونَ مستعملةً من لغةِ غيرِ العرب، فبخلافِه قال جماعةُ الفقهاءِ والأصوليينَ، وذكَرَهُ أبو بكرٍ من أصحابِنا.

ورُويَ عن ابن عباسٍ وعكرمةَ، أنَّ فيه بغيرِ العربيةِ نحو، طه والمشكَاةِ وقِسْطاس (٣).

والدَلالةُ على ما ذهبنا إليه: ما استدلَّ به العلماءُ من آي الكتاب، إلا أَنَّ آكَدَها قولُه تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: ٤٤] فنفى انْ يكونَ أعجمياً، وقَطَعَ اعتراضَهم بتنوعِهِ بين أعجميٍ وعربي. ولا ينتفي الاعتراضُ وفيه أعجميٌ.

وقولهُ: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ} [الدخان: ٥٨]، {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ


(١) هو الكريم من الخيل، والجمعُ طُروف وأطراف، "القاموس المحيط": (طرف).
(٢) سيتناول المصنف هذا الموضوعَ أيضاً في الصفحة ٤٦ من الجزء الرابع، مظهراً أدلته وشبهات المخالفين، فارجع إليه.
(٣) انظر "شرح الكوكب المنير" ١/ ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>