للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دون المعنى؛ اجتهدَ في حصولِ الموافقةِ في اللفظ الذي لا يكونُ فيه إبْهام ولا ترددٌ، فأكثرُ ما يجيء الخلافُ بين المتفقين في المعنى من جهة تعلّقِ أحدِهما بلفظٍ متردد وتعلّقِ الآخر بلفظ خاص [غير مشترك يقع به الوهم] ١).

مثال ذلك: أن القائل: أبو ذَر أصدق أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم، والماءُ أطهرُ من الخل، والوترُ أسنُّ من ركعتي الفجر، والجبالُ أسكنُ من الأرض، والثلجُ أروى من الماء، ومُسيلمةُ أكذبُ من جميع العرب، وإلى ما شاكلَ ذلك، فلا يزال الجدالُ بينهما حتى ينتهيَ النظرُ منهما إلى غايةٍ وهو أن تقول: ماذا تريدُ بقولك: أفعل؟ وهل هو مثل قولك: الخل أحمض من غيره؟ فإن قال: نعم، ذاك أريد. قال له: فأصْدَقُ وأطْهَرُ لا يتحقق فيه التزايد؛ لأن الصدقَ، الخبر المطابقُ لمخبَره، فحين زادَ أو نقصَ خرجَ عن أن يكون صدقاً، وكذلك قولُنا: طاهرٌ، والذي ليس فيه منع من الصلاةِ معه، ولا يجب تجنبه، والخل والماءُ لا يتفاضلان، والكذبُ: الخبرُ عن الشيء على خلافِ ما هو عليه، ومسيلمةُ وغيره في ذلك سواء، فتضطره إلى أن يقول: إنما أردنا بأصدَق: أنه أكثر صدقاً، وأكذبَ بمعنى: أكثر كذباً، فيزولَ الخلافُ، فالعاقلُ من أراح نفسَه عن هذا من أول وهلاتِ السؤال والجوابِ، فتقول: ما معنى قولك: أصدقُ، وأطهرُ، وأوجبُ، وأعلمُ؛ فإذا قال (٢): ما يعطي التزايد في غير التعلّق، زال الخلافُ، فاهتمَ بذلك تَسْترح (٣) من كثيرٍ من الجدالِ مع غير أربابِ التحقيق.

فصل

في الزائد على ما يتناوله المأموربه

كتطويلِ الركوعِ والقراءةِ، هل يكونُ حكمُه حكمَ الأصل؛ أو يكونُ له حكمُ النَفل؟

الذي إختاره شَيخنا رضي الله عنه -وهو الصحيحُ عندي- أن الزيادةَ نافلة،


(١ - ١) طمس في الأصل، وما بين معقوفين مقدرحسب المعنى.
(٢) مكررة في الأصل.
(٣) في الأصل: "تستريح" والجادة ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>