للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُغْضُوبةِ في الصَلاةِ، وهو أحدُ المذهبين لأحمدَ، وإنما كشَفْتُ ماتفضي إليه مقالةُ القائلِ بالنقْلِ، تحذيراً من سرعةِ الاتباع للمقالاتِ، من غيرِ تَبيين ما في تفاصيلِها من الأخطاءِ، ولزومِ ما عَسَاهُ يُفسِدُ أُصولاً، فإنّ كثيراً من المُتَفَقهَةِ يُسارِعون إلى ذلك، لعدمِ المعرفةِ بما في مَطاوي ذلك.

فصل

في جَمْع الدلائِلِ على أَن فيها منقولاً من اللغة إلى معانٍ وأحكامٍ أَن الإيمان (١) في اللغةِ مجردُ التصديقِ بدليلِ قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا} [يوسف: ١٧] وقوله: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ} [البقرة: ٢٨٥]، و {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} [البقرة: ١٧٧]، يعني صدق بهما، {قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما آمَنَ بالقُرْآنِ مَنْ اسْتَحَل مَحَارِمَه" (٢)، ومعلومٌ أنَّه صارَ في الشَرع اسماً لا تقَعُ إطلاقُه ولا يفهَمُ منهُ إلا اجتماعَ التصديقِ والأعمالِ التي هي فروعهُ ودلائلُه وتروكهُ، ولاْ يقالُ في الصدق إلا مُقَيداً، ولا يُسمى تاركُ جميعِ الفروضِ، ومرتكبُ سائرِ الفجورِ مؤمناً، إلا بأنْ نُقَيدَ أنَّهُ مؤمنٌ الله، أو يُتْبَع ذلك بأنه فاسقٌ، فإنَّ الإطلاقَ اسمُ مدْحَة، وقد نَطَقَ القرآنُ بذلك حين قال سبحانه:


(١) والراجح في تعريف الإيمان عند أئمة السلف: أنه تصديق بالجَنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان، فهو اعتقاد وقول وعمل. انظر "شرح العقيدة الطحاوية": ٤٥٩ وما بعدها.
(٢) أخرجه الترمذي (٢٩١٨)، والطبراني في الكبير (٧٢٩٥)، ٨/ ٣٦، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" ١/ ١٧٧، وقال فيه الترمذي: هذا حديث ليس إسناده بالقوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>