السؤالُ مع الظاهرِ، وإنَما يحسُنُ السؤالُ مع أحد أمرين: إما أن يكون هو الموضوعَ له الأمرُ، أو هو المقتضى، فيَحْسُنُ السؤال في الحجِ، لمكانِ المشقةِ الحاصلةِ في التكرارِ، وإما أن يكون موضوعاً للأمرين، فيَسألُ للفصلِ بين الموضوعين، مثلَ سؤالهِ عن سائرِ المشتركاتِ.
وأمَّا قوله:"فأتوا منه ما استطعتم" فالتكرارُ داخل تحتَ الاستطاعةِ، وهو عام في هذا وفيما ذكروه، فقصرُهُ على أحدِهما لا يجوزُ إلا بدلالةٍ، ونحنُ نأخذ الدفعةَ الثانيةَ من اللفظِ، فإنَّ قولَهُ: افعلْ، أمر بلا خلاف، والثانية مستطاعة، فكانت مستدعاةً بحكمِ اللفظِ.
وأمَّا قولُهم: إنَ أوامرَ الشريعةِ أكثرُها يقتضي التكرارَ بالقرائن والأدلةِ لا بالإِطلاقِ، فهذا حجةٌ من وجهٍ، وهو أنَّ بالكثرةِ صار لنا عرف شرعي، فصرَفْنَا الإطلاقَ إليه.
على أن الدلالةَ هي إجماعُهم، وما أجمعوا إلّا لأن الاستداعاءَ اقتضاءُ الدوامِ إلّا أنْ تَصْرِفَ عنهْ دلالة.
وأمَّا قولُهم: النهيُ مَنْع، فلذلك اقتضى الدوامَ، فَرْقُ صورةٍ، وإلا فالمعنى جامعٌ بينهما أنَّه استدعاءُ التركِ والكف، وهذا استدعاء للفعلَ.
وأما استشهادُهم باليمين فلا يصحُ، لأنَ المُغَلَّبَ فيها العرفُ، ولذلك تُتْركُ فيها الحقائقُ وُيرْجِح إلى العرفِ، والاستعمالُ في الحلفِ على الامتناع من أكلِ الرؤوس واللبنِ لا يحنثُ بأكلِ رؤوسِ غيرِ الأنعامِ، ولاَ بلُبس القميصِ والسَراويلَ تردّياً بهما وتعمماً، وعلى هذا