للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في أدلتنا

فمنها: أنَّ التواترَ: ما وقعَ العلمُ الضروريُّ بخبره، وهذا لا يختصُ بعدد مخصوص، إذ ليسَ من قالَ: بأنَّه يحصلُ بأربعةٍ، بأَوْلى من قولِ من قال: يحصلُ باثني عشر، ولا مَنْ قال: باثني عشر، بأَوْلى ممن قال: بسبعين، وعلى هذا، وإنَّما يحصلُ ذلكَ بما يحيلُ العقلُ عليه الكذبَ والتواطؤَ، وذلكَ لا يكونُ إلا في العددِ الكثير والجمِّ الغفير، فأمَّا في عددٍ محصورٍ، فليسَ لأحدِهما على الآخر ميزةٌ إلا بغلبةِ الظن، فأمّا أن ينتهيَ إلى العلمِ، فلا.

ومنها: أنه لو كانَ الاعتبارُ بعددٍ مخصوصٍ، لوجبَ اعتبارُ صفاتٍ محْصوصةٍ، كالإسلام، والعدالةِ، على ما أجمعنا عليه في الشهادةِ، فلما لم نعتبر لذلك أوصافاً مخصوصةً، لم نعتبر له أعداداً مخصوصة، وهذا صحيح؛ لأنَّ العددَ إنما يرادُ لتناصرِ الأقوالِ التي يبعدُ معها الكذبُ، ويقربُ من غلبةِ الظن لصدقِ الخبر، وكما أنَّ ذلكَ يقوى بتزايدِ العددِ، فكذلك (١) يقوى بحصولِ الصفاتِ التي يبعدُ معها الكذبُ، وتُقرِّبُ إلى الصدق.

ومنها: أنَّه ليسَ عددٌ من الأعدادِ التي اعتبر بها، إلا وما زادَ عليه يقوي ما في النفس؛ فالأربعةُ فصاعداً بالإضافةِ إلى الاثني (٢) عشر، والاثنا عشر بالإضافةِ إلى السبعين، [والسبعون] بالإضافة إلى الثلاثِ


(١) في الأصل: "وكذلك".
(٢) في الأصل: "الاثنا".

<<  <  ج: ص:  >  >>