للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحُكي عن ابنِ بيان القصار الداودي أنه قال: ليس هذا مذهبَ داود، بل يَجوز الاحتجاجُ به (١).

فصل

يجمع أدلتنا على ما ذهبنا إليه (٢)

فمنها: أنَ أصحابَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ورضوانه عليهم، أعرفُ بألفاظِه ومعاني أقواله، فإذا قالوا: أمرَنا. وهم عارفون بالأمرِ، ونَهانا. وهم عارفون بالنَهي، صارَ ذلك كقولهم: قالَ رسولُ الله: افعلوا كذا، ولا تفعلوا كذا. فاشتراطُنا في حقهم نقلَ ألفاظِه إلينا تَعاطٍ (٣) عليهم؛ لأنَ خبر هذا القول منا: اذكروا لنا لفْظَه، عساه لا يكون أمراً ولا نهياً، وقد وقع لكم أنه أمر ونهيٌ. ولا أسمجَ من ذلك ولا أقبحَ.

والذي يوضّحُ هذا الدليلَ: أنهم لما رَووا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه رجمَ ماعزاً لما زنَى (٤)، وقَطَع [يَدَ] سارق رِداءِ صَفوان (٥)، وسَها فَسجد (٦)، كان ذلك منهم كقوله: رجمتُ


(١) ما قرره ابن حزم في كتابه "الإحكام": أنه إذا قال الصحاب: امرنا بكذا، فليسَ هذا إسناداَ، ولا يقطع على أنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا ينسبُ إلى أحد قول لم يروَ أنه قاله، ولم يقم برهان على أنه قاله. انظر "الإحكام في أصول الأحكام" ٢/ ٧٢.
(٢) تحرفت في الأصل إلى: "إليها".
(٣) التعاطي: الجراءة على الشيء، وتناول ما لا يحق ولا يجوز تناوله. "اللسان": (عطا).
(٤) حديث رجم ماعز تقدم تخريجه في الصفحة (١٠٨)
(٥) حديث قطع يد سارق رداء صفوان بن أمية، أخرجه الدارمي ٢/ ١٧٢، والنسائي ٨/ ٦٩، والطبراني (٧٣٦٦) و (١٥٩٧٨) و (١١٧٠٣)، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: جاء صفوان بن أمية إلى النبي صلى الله عليه وسلم برجلِ سرق رداءه من تحت رأسه وهو نائم، فلم ينكر ذلك الرجل، فامر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُقطع، فقال صفوان: في هذا يقطع؟! قال: "فهلاّ قلتَ هذا قبل أن تاتيني؟! " وأخرجه ابن ماجه (٢٥٩٥)، والطبراني (٧٣٣٨) (٧٣٤١) من حديث صفوان بن أمية مع اختلاف في اللفظ.
(٦) حديث سَهْو رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة وسجوده فيها، أخرجه أحمد ٤/ ٤٢٧، مسلم =

<<  <  ج: ص:  >  >>