للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصول (١)

في شبهاتِ المخالفِ

فصل

فيما تعلَّقوا به من السمع

قولُه تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: ٢٨]، فكأنه يقول: إنَّما أردتُ بكم التخفيفَ، لعلمي بأنَّي خلقتكم ضعفاء، وهذا خبر لا يجوزُ أن يقعَ بخلاف مخبَرهِ، وفي نسخِ الأخفِّ إلى الأثقل ما يفضي إلى ذلك، وما يفضي إلى غيرِ الجائز على الله، باطلٌ في نفسهِ.

وقوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]، ورفعُ الأسهلِ، وتكليفُ الأثقلِ، غايةُ العسرِ الذي نفاه الله عن نفسهِ، فكلُّ مذهبِ أدَّى إلى مخالفةِ خبرِ البارئِ باطلٌ مردودٌ.

وقوله: {وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: ١٥٧]، وقوله: {رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: ٢٨٦]، والإصر: الثقل، فأخبر أنه يضعُ الإِصرَ الذي حمله الأمُم قبلهم، فكيفَ (٢) يزيدُ ما خفف (٣) به عنهم في شريعتِهم بما يثقل بِه عليهم؟ وقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [البقرة: ١٠٦]، ومعلوم أنَّه لم يرِد {بخيرِ منها} فضيلةَ؛ لأنَّ القرآنَ لا


(١) في الأصل: "فصل".
(٢) في الأصل: "وكيف".
(٣) في الأصل: "خففت".

<<  <  ج: ص:  >  >>