للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولُهم: إنَ تساوي الوجوبِ والفرضِ في حصولِ العقابِ لا يوجبُ تساويهما في الاسمِ، كالندبِ والمستحبِ مع النفلِ، فإنهما استويا في نفي العقابِ بالتركِ. والندبُ والسُنة والمباحُ لا يتساوون، بل للسنة ميزة. (١ ............................................................................. ١) وأما قولهم: إن ثبوت الفرض كونه قطعياً يوجب الميّزة والتأكيدَ؛ لأنه يكفر (٢) مُكذبُهُ، فذاكَ ليس بعائد بتأكيد، فإنَ المباحاتِ طُرقها مقطوع بها، ولو كذبَ بطريقها كَفر ولا تَدُلّ على مساواةِ المباحِ للإيجابِ والفرض، حيث تساوت طرقه في حكمِ التكذيبِ بها.

وأما دعواهم القول بموجب تأكيدِ المحظوراتِ بطرقها، وكلام أحمد في المتعة، وقوله بالنهي عنها دونَ التحريم لها، فليس مما نحنُ فيه بشيء؛ لأنه لم يتعلق في ذلكَ بالطريق ولا ميزها بحظرٍ دونَ حظر بل نَفى الحظرَ والتحريمَ، وسوَّى في النهي وليس بَعدَ نفيه للتحريم إلا الكراهةُ والتنزيهُ، فوِزانُه من مسألتنا أن نقول هنا: ليس بواجب، وإنما هو مأمورٌ به، فنشرِّكُ بينَ الفرضِ وغيرِه في الأمر وننفي الوجوبَ الذي هو وِزانُ التحريمِ في المنهيَّات، فبطل القولُ بموجَب ما ذكرنا.

فصل

في ذِكرِ ما تعلَّق به مَنْ نَصَر الروايةَ الأخرى

فمنها: أن كل متدبِّرٍ للمأموراتِ من العباداتِ البدنية والماليّة يجدُ أنَ بعضها آكدُ وجوباً، وبعضَها فَريضة، وبعضَها يدنو عن رُتبةِ الفرضِ. من ذلك أن الإيمانَ


(١ - ١) طمسٌ في الأصل، ويُفهم من سياقِ الكلامِ أنَ السنَة والندبَ وإن كانا قد ساويا المباح في نَفْي العقاب، إلأ أنَ للسنة ميزة على المباحِ، في كونه يثابُ فاعلُ السنَةِ. بخلاف المباح الذي تساوى فيه طرفا الترك والفعل.
(٢) تحرفت في الأصل إلى: "يكون".

<<  <  ج: ص:  >  >>