للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يتفقانِ فيه: أن النسخَ تَبَيَّنَ بهِ مقدارُ زمانِ الحكمِ، وإخراجُه عمّا غلبَ على الظنِّ من تأبيدهِ، والتخصيصُ يبيّنُ مقدارَ الأعيانِ والأحوالِ والصفاتِ وما ينتظمهُ، بلفظِ الشمولِ، فإنَّ المرادَ به بعضُ تلك الأعيان والأحوال.

فصلٌ

فيما يجوز نسخُه من الأخبارِ وما لا يجوزُ

اختلفَ الناسُ في ذلك (١).


(١) كان لِزاماً على ابن عقيل أن يحدِّد موطن الخلاف في هذه المسألة، وأن يميِّزَ بين الأخبارِ التي قد يردُ عليها النسخُ، والأخبارِ التي لا يردُ عليها نسخ، ذلك أن كثيراً من الأصوليين ميّزوا بين نوعينِ من الأخبار:
الأول: ما كان مدلولُه لا يتغيرُ، كصفاتِ الله سبحانه وتعالى وإخبارِه بما كان وما سيكون، وإخباره عن الأنبياء من قبل عليهم السلام، والإخبار عن الساعة وأماراتها، فهذه الأخبار لا يجوز نسخها بإجماع العلماء، وفقَ ما قرّر أبو إسحاق المروزي وابن برهان، وابن مفلح، ولا خلافَ في استحالةِ نسخِ هذه الأخبار؛ لأنَّ نسخَها يفضي إلى الكذب، وهذا لا يجوزُ بل يستحيلُ على الله تعالى، وما أدّى إلى الباطل فهو باطل.
الثاني: أن يكونَ مدلولُ الخبرِ ممّا يصحُ أن يتغير، ويقع على غير الوجه المخبَرِ عنه، كالإخبار عن زيد بأنه مؤمن أوكافر، أو عبدٌ أو فاسق، فهذا الذي حصل الخلافُ في جوازِ نسخِه، أو امتناعه، فأكثر الأصوليين على منع نسخ هذه الأخبارِ كونها تفضي إلى الكذب. وذهب البعضُ إلى جواز نسخِها، ودليلهم في ذلك: أنّه إذا أخبرَ عن زيدٍ أنّه مؤمنٌ جازَ أن يقول بعد ذلك: هو كافرٌ. وكذلك يجوز أن يقول: الصلاةُ على المكلّفِ في المستقبلِ، ثم يقولُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>