لا يُخطىء في قَوله، ولن يصح أن نَعرف أن القولَ قولُ اللهِ ورَسولِه وخَبره ممن لا يُخطىء إلا بَعد أن نعرفَ الله؛ لأن تلك الجُملَ كلَها فرعٌ لِإثبات، اللهِ سُبحانه، ومُحالٌ أن يعلَمَ وصفَ اللهِ أو رسولَ اللهِ مَن لا يَعرفُ الله، كما أن من المُحالِ أن يَعرفَ كلامَ زيدٍ ورسولَ زيدٍ من لا يعرفُ زيداً، فوجبَ أن يكونَ العِلمُ بالله وبرسولِهِ من المعلوم عَقلًا لاسَمعاً.
ولا يجوز أن يَقول قائلٌ: إنني أعرفُ اللهَ ورسولَه بسمعٍ عن قولِ الله وقولِ رسولِه. لأنه ليس لنا مُخبِرٌ نعلمُ صِدْقَهُ ضرورةً، لما ثَبت من الدلاله على أنه ليس للمُخْبِرِ طَريقٌ غيرَ الطريقِ التي تُثبت لنا العلمَ، ولا يَجوز أيضاً أن يكونَ صدقُهُم في الإِخبار عن التوحيد والنُّبوة مَعلوماً بدليلِ العَقل؛ لأنه يوجِب أن يكونَ ذلك الدليل، هو الدليل الذي به نعلم ثبوت التوحيدِ والنبوة، دون خَبر المُخبرِ عَنهما، وإنما يكون خبره عنهما تَنبيهاً عَليهما، وهي الدَلالةُ دون قولِهِ، فثبتَ أنَ العلم بهذه الجُملة وما لا يَتم ويَحصل إلا به مُدرَكٌ بقضية العقل من حيث لا مجالَ للسمع فيه.
على أن المخبِرَ عن ذلك لا يَخلو أن يكونَ عالِماً بصحة ما أَخبر عنه بنظر أو بخَبر؛ فإن كانَ يَعلمُهُ بالنظر صَحَ ما قُلناه، وإن كان يَعلمُهُ بخبرِ مُخبرٍ آخر ثم كذلك الثاني، وجب إثباتُ إخبار مُخبِرين لا نِهاية لهم، وذلك مُحال.
فصل
وأما ما يُعلمُ بالسمْعِ من حَيثُ لا مَساغَ للعقلِ فيه، فنحوُ العلم