ويعرف مقاديرهم في المراتب والمعرفةِ؛ ليُرجِّحَ أقوأن بعضِهم على بعضٍ، وروايةَ بعضِهم على بعضٍ.
ويعرفُ ما الأصلُ الذي يُبْنى عليه استصحابُ الحالِ؛ هلْ هو الحظرُ، أوِ الإباحةُ، أو الوقفُ؛ ليكونَ عندَ عدمِ الأدلةِ متمسكاً بالأصلِ إلى أن تقومَ دلالةٌ تخرجُ عنِ الأصلِ.
ويَعْرفُ الأدلة وتراتيبَها على ما بيَّنّا في أوَّلِ كتابنا، والصَّحيحَ منَ الفاسدِ، والحجَّةَ مِنَ الشبهةِ؛ ليَتبعَ الحجَّةَ، ويرفضَ الشُّبَهةَ.
ويعرفُ الأَسماءَ الموضوعةَ في الأَصلِ -وهي الحقائقُ- والمجازَ، ليَبْني الأحكامَ على الحقائقِ دونَ المجازِ والاستعارةِ.
فصل
في الدلائلِ
فمنها: أنّ الاستفتاءَ استخبارٌ واستعلامٌ، ولا يجوزُ استعلامُ مَنْ لا يعلمُ، ولا استخبارُ منْ لا يُحسِنُ؛ بدليلِ أنَّه لا يجوزُ السُّؤالُ عنِ الإعرابِ لغيرِ نحوي، ولا عنْ معاني الأسماءِ لغيرِ لغويٍّ، ولا السُّؤالُ عنْ فرضٍ في تركةِ متوفىً لغيرِ فَرَضِي، وعلى هذا كلُّ صناعةٍ؛ حتى التقويم لا يجوزُ أنْ يسألَ عنْه إلاّ مَنْ لَه خبرةٌ بالسِّلع، والأسواقِ، والأسعارِ المتقلِّبةِ، والرغبات المختلفةِ.
ومنها: أنَّه معنى يحتاجُ فيهِ إلى التقليدِ، فاعتبر في المُسْتَفتَى فيه الخبرةُ بطريقِ العلمِ بِه، كاستقبالِ القبلةِ.