ومنها: أَنَّ قولَ علي يعطي اتفاقَهُ معَ عمر فقطْ، وهذا قولُ اثنينِ اتَفقا يرجعُ أحدُهما إلي رأيٍ خالف بِهِ الرأيَ الذي وافَقَ بِهِ، وليسَ هذا بإجماع ولا مِمَّا نحنُ فيهِ بشيءٍ.
ومنها: قولُهم: إنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّما كانَ قولُه الثَّاني هو المعمولَ بِهِ وعليهِ، ولم يستقرَّ قولُهُ إلاَّ بموتِهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ لأَنَّ النسخَ مِنَ اللهِ سبحانَهُ مُتَرَقب، والنَّسخ إنَّما هو بقول غيره لا بقول نفسه، وبقول مَنْ لا يقولُ: إنَّ الأَوَّلَ خطأ، وإنَّما يقول: إنَّ الأول صوابٌ ومصلحةٌ إلى الآنَ، والآنَ قَدْ كانتِ المصلحةُ إزالةَ ذلكَ الحكمِا الأَولِ، وها هنا يفضي إلى تخطئةِ الاجتهادِ في الحكمِ الأَولِ، ولا يجوزُ تخطئةُ الجماعةِ، ولو جُوِّزَ تخطئَتُهم لا حصلتِ الثِّقةُ بإجماعِهم.
ومنها: سؤالُ مَنْ قالَ بالتفصيلِ مِنْ أصحابِ الشَّافعي: أنَّ الظَّاهرَ مِن سكوتِهِ موافقتُهُ، وفي سكوتِهِ نوعُ احتمالٍ، فإذا قالَ بعدَ ذلكَ كانَ القولُ الأولُ صريحاً يقضي على الظَّاهرِ، فأمَّا إذا وافقَ قولاً فَلَمْ يبقَ احتمالٌ، فكانَ إجماعاً قطعياً لا يجوزُ أَنْ يؤثرَ فيه خلافٌ.
فصل
في الأجوبةِ عَنْ أسئلئهم
فأمَّا قولُهم على الاَيةِ: ليْسَ فيها أَنَّهم ليسوا حجَّةً على أنفسِهم، ففيها ذلكَ، لأَنهُ غايَرَ بينَ أنفسِهم وبينَ غيرِهم، فجعلَهم شهداءَ على النَّاسِ وجعلَ الرَّسولَ عليهم شهيداً، فأفادَ ذلكَ أَنَّ الشَّهيدَ عليهمُ الرَّسولُ