للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الأجوبةِ عَن شبهةِ المخالفِ

فأمّا دعواهم أنّ الآيةَ خطابٌ للصحابةِ فغيرُ صحيحةٍ، بل الخطابُ لسائرِ الأمّةِ وأهلِ جميع الأعصارِ مِن المسلمينَ مِمَّن تشتمل عليهم الصفاتُ المذكورةُ، كالخطابِ مِن اللهِ سبحانَه بالعباداتِ، يوضحُ هذا أنّه لو كانَ مَقصوراً على أهلِ العصرِ الذي نزلتْ فيهِ، لكانَ مقصوراً على المبلّغ وقتَ نزولِها، فلمّا عمّت مَن كانَ بالغاً ومن بلغَ بعدَ نزولِها بزمانٍ، علِمَ أنّها شاملَةٌ عامّةٌ غيرُ مقصورةٍ على مَن نزلتْ في عصرِهِ (١).

وأمّا دعواهم أن المِدحةَ بالعصمةِ تختصّ الصحابةَ، فلا (٢) وجهَ لها معَ كونِ ما مُدِحت الصحابةُ لأجلِه موجوداً في آحادٍ مِن أهلِ الاجتهادِ في كلِّ عصرٍ، لا يُخلي الله منهم عصراً مِن الأعصارِ، وقد وردتِ المدحةُ فيهم خاصةً بقولِه: "واشَوْقاهُ إلى إخواني"، فقال أصحابُه: ألسْنا إخوانَك؛ فقال: "أنتم أصحابي، وإخواني قومٌ يأتونَ مِن بعدي يؤمنونَ بي ولم يرونِي" (٣)، وقالَ فيهم فِى متونِ الأحاديثِ والمسُّننِ: "الذينَ


(١) انظر "شرح مختصر الروضة" ٣/ ٤٩ - ٥٠.
(٢) في الأصل: "لا".
(٣) تقدم تخريجه ص ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>