للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا دعواهم أنَّ الكذبَ، وكفرانَ النعمةِ، وعقوقَ الوالدينِ، والظلمَ، قبيحٌ لا لنهي ناهٍ عنه، [بل] لأنَّ العقل يُحَسِّنُه ويقبِّحُه، فهذا أصلٌ كبيرٌ، أنتم مخالَفون فيه، فإنَّ (١) القبيحَ عندنا ما نهى اللهُ عنه، والحسنَ ما حسَّنَهُ الشرعُ؛ ولهذا أجازَ الكذبَ لنوعِ إصلاحٍ بين الناسِ، وأباحَ قتلَ الآباءِ؛ لأجلِ الكفرِ والمشاقَّةِ، وحقوقُ الأبوةِ موجودةٌ، وأباحَ الغنائمَ، وأخْذَ الأموالِ والأولادِ وقَتْلَ الرجالِ، وأنَّه لا حجرَ على فعلِ الربِّ سبحانه.

وهذا أصلٌ لا تليقُ الإطالةُ فيه ها هنا، وجملتُه أنَّ أفعالَ اللهِ لا تقاسُ على أفعالنا في الشَّاهدِ، بدليلِ أنَهُ كلَّفَ مَنْ [في] المعلوم أنَّه يُخالفُ، فيستوجبُ الخلودَ في النارِ، وخلقَ مَن أي، المعلومِ أنّهُ لا يتصرفُ إلا في المضارِّ والأضرارِ، ومكَّنَ المتسلطينَ، وجَعَلَ إبليسَ من المُنْظَرين، مع ما عُلِمَ أنَّهُ الغاوي للمكلفينَ، إلى أمثالِ ذلكَ مما لا يَحسُنُ من آحادِنا، فانقطع الشاهدُ عنِ الغائبِ، والغائِبُ عن الشاهد.

فصلٌ

في نسخِ القرآنِ بالسنةِ

عنْ أحمدَ روايتانِ (٢): إحداهُما: لا يجوزُ نسخُهُ إلا بقرآنٍ، وبها


(١) في الأصل: "وإن".
(٢) انظر "العدة" لأبي يعلى ٣/ ٧٨٨، و"التمهيد" ٢/ ٣٨٢، و"المسودة"

<<  <  ج: ص:  >  >>