للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دونَ واحدٍ منهم، وهو قولُ أصحابِ أبي حنيفةَ، وذلك مثلُ قول عائشةَ: كانوا لا يقطعودنَ فِى الشَّيءِ التَّافهِ (١)، وقولِ إبراهيمَ النَّخَعيًّ: كانوا يحذفون التكبير حَذفاً، فيكونُ هذا حكايةً عن جماعتِهم، لا سيَّما وظاهرُ الأمرِ فيه: أنهم أخرجوه مخرجَ الحُجَّةِ والإسنادِ إلى قولِهم، والحجةُ إنَّما تكونُ راجعةً إلى ما أجمعوا عليه دونَ ما قاله الواحدُ منهم؛ ولأَنَّ في إسقاطِ الباقينَ إهمالاً لهم، وليس في الصَّحابةِ مَنْ يُهمَلُ أمرُه إلى حدٍّ لا يُذكرُ، ويُذكَرُ غيرُه.

فصلٌ

في شبهةِ بعض مَنْ خالف في ذلك

قالَ: لو كانَ هذا عبارةً عن جماعتِهم لما سَاغَ الاجتهادُ في ذلكَ، ولمَّا سَوَّغْتُم الاجتهادَ، دلَّ على أنَّ القولَ عادَ إلى بعضِهم.

والجوابُ: إنما سوَّغْنا الاجتهادَ، لأنَّ الطريقَ ظنيٌّ وليسَ بقاطعِ، فهو كخبرِ الواحدِ عن المعصوم - صلى الله عليه وسلم - لا يوجبُ قطعاً لأجلِ الطرَّيقِ، لا لأنَّ قولَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَسُوغ في خلافِهِ الاجتهادُ.

فصلٌ

إذا قالَ الصَّحابيُّ: قالَ رسولُ اللهِ كذا وكذا، حُكِمَ بأَنه سَمعَ ذلكَ


(١) أخرجه ابن أبي شبية في "مصنفه " ٩/ ٤٧٦ - ٤٧٧. وانظر "نصب الراية" ٣/ ٣٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>