للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ويجوزُ الأخذُ بالعمومِ في المضمرَاتِ (١).

مثاله: قولُه تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء٢٣]، {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣]، {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} [المائدة: ٩٦] فالمضمرُ فيها أفعالُنا، إذ الأعيانُ أنفسُها لا توصَفُ بحظرٍ ولا إباحةٍ؛ لأن الحظرَ والإباحةَ منع وإطلاق، والأعيانُ الموجودةُ لا يصحُ المنعُ والإطلاقُ فيها عَيْنها، بل يتسلَّطُ على أفعالنا فيها؛ فأفعالُنا إذاً هي المضمَرة، وأما العمومُ المعمولُ به فيها، فهو المنعُ منها: أكلاً، وبيعاً، وشُرباً، وادِّخاراً، واقتناءً، وكذلكَ الأمهاتُ: نكاحاً، وبَيعاً، وشراءً، واستمتاعاً، واستخداماً، والصيدُ: اصطياداً، وبيعاً، وشراءً، وحَبساً، وإمساكاً، وأذيَّة له من نتفِ ريشٍ أو شَعرٍ، أو كَسر بيضٍ، أو إزعاجٍ من وَكْرٍ إلى أمثالِ ذلكَ.

ومثاله من السُّنَن: "هذانِ حرامٌ على ذكورِ أُمّتي، حِل لإناثها (٢) ". مشيراً إلى الذهبةِ والحريرةِ، فالمضمَر أفعالنا فيهما، والعمومُ: سائرُ أفعالِنا إلا ما خصَّه الدليلُ في جميعِ ما ذكرنا من الكتابِ والسنَةِ.

وقال أكثرُ أصحابِ أبي حنيفة، وأصحاب الشافعي: لا يُعتبر العمومُ في ذلكَ (٣).


(١) هذا لا حال عدم ورود الدليل على تعيين أحد المضمرات، أما في حال ورود الدليل فالمتفق عليه عند الأصوليين أن المضمَرَ يُحملُ على ما عيّنه الدليل. وسيأتي خلاف الأُصوليين في حال عدم ورود الدليل المعين. وانظر "العدة" ٢/ ٥١٣ - ٥١٦، و"الإحكام" للآمدي ٢/ ٢٤٩.
(٢) تقدم تخريجه في ٢/ ٤٠١.
(٣) للأُصوليين في مسألةِ عمومِ المضمَراتِ رأيان:
الرأي الأول: أنَه يؤخذ بالعمومِ في المضمرات، وهذا رأي الحنابلةِ وبعص الشافعية.
الرأي الثاني: أنه لا يجوز الحملُ على الجميعِ؛ لأن الضرورة هي المقتضية للإضمار, وهي =

<<  <  ج: ص:  >  >>