للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه لم يُصرِّح بذكرِ الحياةِ، ولا ذكرها له، فلم يأتِ بها على الوجهِ الذي يقتضي الحكمَ بأنه حيٌ وهو الحياةُ.

وقد يَضعفُ نَظَر الخصمِ فيُدخِلُ في العلَّةِ شيئاً كثيراً ليس منها، فَتَفَقَّدْ ذلك وتأمله جيداً؛ لتُحَقِّقَها إن أردْتَ الإِلزامَ عليها على النحو الذي ذكرت لك.

ومثالُه من الفقهيات: الخمرُ حرامٌ لأجلِ الشِّدَّةِ الموجودةِ. ليس بتحديدٍ؛ لِمَا بَينَا في مثال الحياةِ.

فإذا قال: هذا العصير حرامٌ لأجل الشِّدَّةِ الموجودةِ له. فقد حَدَّدَ، وعلى ما قدمْنا فأقمِ الشَدَّة مَقامَ الحياةِ.

فصل

في الفرقِ بين الدَلالةِ والعِلةِ

اعلم أنه ليس كلُّ دَلالةٍ على شيءٍ فهي علَّةُ له، ألا ترى ان تدبيرَ العالَمِ دلالةٌ على القديمِ؛ إذ لا بد له من صانعٍ غيرِ مصنوعٍ، وليس بعلةٍ له، وكذلك الخبرُ الصادقُ دلالةٌ على كون المخبَر على ما هو به، وليس بعلةٍ لكونِ المخبرِ على ما هو به؛ إذ لو لم يوجَدِ الخبرُ، لم يَبطُلْ أن يكونَ المخبَرُ على ما هو به.

وقد يجتمعُ الشيءُ أن يكونَ علَّةً (١) لشيءٍ ودَلالةً عليه (١)، وذلك كالكفر؛ فإنه علَّةُ لاستحقاقِ الذَّمِّ، ودلالةٌ على استحقاقِه.

وكذلك عدمُ الواجبِ في الوقتِ الذي قد وجبَ فعله من غير غذْرٍ


(١) هذه الكلمات مكررة في الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>