للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللغة، ولو كان منقولًا، احتملَ أنْ يكونَ مأخوذاً من أمارةٍ على الاستدعاءِ الذي في نفس المستدعي، وهي القول، وإلا فلو كان عاماً لوقعَ على الكنايةِ والإشارةِ، ولم يختص بالقولِ.

فصلٌ

فيما وُضعَ له الأمرُ

اعلمْ أنَّ الأمرَ لم يوضَعْ في اللغةِ لإِفادةِ [حُسْنِ] المأمورِ به أو قُبحِه، وكذلك النهى لا يقتضي قبحَ المنهي عنه، وإنما وُضِعَ للزجرِ عن فِعْلِ المنهى عنه واستدعاءِ تركهِ، والتقبيحُ والتحسينُ وراءَ ذلكَ موقوفٌ على دلالةٍ تدلُّ عليه، هذا مَذْهَبُ أهلِ السُنة، وهو مَذْهَبُنا.

وزعَمتِ القدرية أن مقتضى الأمرِ كَوْنُ المأمورِ به حسناً في العقلِ، ولولا كونُه في العقلِ حسناً، لما امِرْنا به، ولولا كونُ المنهى قبيحاً في العقل، لما نهانا الشرعُ عنه.

فصلٌ

في الدلالةِ على ذلك

إنّنا نعلمُ أن الآمرَ من أهلِ اللغة، قد يأمرُ بالظلمِ والتعدّي، ويعاقبُ على مخالفته في ذلك، ولا تَنافيَ بين الأمرِ والقبح، يقال: أمرَ بالحسَن، وأمَرَ بالقبيح، وكذلكَ السلطانُ الجائر، يأمرُ بالجَوْرِ، وينهى عن العَدْل، ولا يصيرُ الجَورُ بأمرِه حسناً، ولا يخرجُ بأمرهِ بالجورِ، عن كونهِ بذلك آمراً، فهذا واضحٌ من طريقِ اللغةِ، وما هو إلا بمثابة قولنا: إن القبيحَ مستدعىً، فلا يخرجُ بكونه مستدعىً عن

<<  <  ج: ص:  >  >>