قالتِ الإماميةُ: ليس بحجَّةٍ، لكن فيه حجةٌ وهو الإمامُ المعصومُ، وإن خُولِفَ لم يُعتدَّ بخلافِ مَنْ خالفه. وقالَ إبراهيمُ النَّظَّام (١): ليس بحجةٍ، ويجوزُ اجتماعُ الأمَّةِ على الخطأ، ولا معصوم بعد موتِ النبي - صلى الله عليه وسلم -.
والسَّبيلُ هاهنا هو الطرَّيقُ، ولا طريقَ يحصلُ الوعيدُ على سلوك غيره إلاَّ ما أَوْجَبَة اجتهادهم، إذْ كانَ ما أوجَبَهُ نصُّ القرآنِ، أو تواتُر السُّنَّةِ، فذاكَ سبيل اللهِ ورسولِهِ، أخصَّ به من الإضافة إليهم. والمؤمنونَ هاهنا هُمُ العلماءُ، إذ قَدْ أَجْمَعْنا على أنَّ العوامَ والجهَّال لا سبيلَ لهم يُتَّبَعُ، فلم يبقَ إلاَّ العلماءُ، وقد تواعدَ على اتِّباع غيرِ سبيلهم، فثبتَ أنَّ سبيلَهم حقٌّ متَّبعٌ ودليلٌ مرشدٌ، والمخالفُ له مستحقٌّ للعقابِ بالوعيدِ المنصوصِ في الآيةِ، إذْ ليسَ بينَ سبيلِهمْ وبَيْنَ سبيلِ غيْرِهم قسمٌ ثالثٌ، فتعيَّنَ اتباعُ سبيلِهم حيثُ حصلَ الوعيدُ على اتباع غيرِ سبيلِهِمْ.
(١) هو: إبراهيم بن سيَّار بن هانئ النظام، البصري، المعتزلي، له آراء شاذة وأتباع سُموا بالنظامية، وكان ذا ذكاء وفصاحة. انظر "تاريخ بغداد" ٦/ ٦٧.