للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه خبرَ ابن جريج (١) في تقديرِ القُلةِ بقربتين وشيء، حمل الشيء على ما دونَ النصف، ثمَّ بلغَ به النصفَ احتياطاً للماءِ (٢)، وهذا يدل على أنه لا يُسْتَثْنى [إلا] (٣) الأقل.

فصل

في الأسئلة لهم على أدلتنا

فمنها: قولهم: أما استقباحُ ذلك؛ فلا وجه له، بل الأحسنُ عندهم غيره.

وليس إذا كان الأحسنُ غيرَه لم يكنْ مستعملاً ولا سائغاً، ألا ترى أن الأحسنَ في حقِّ من أراد أن يُقر بتسعةٍ أو يخبر بها، أن لا يقول: عشرةٌ إلا واحداً، بل يقولُ: تسعةٌ.

ومن أراد أن يثبت ستة إقراراً بها، فالأحسنُ أن يقولَ: ستة. ولا يقول: عشرة إلا أربعة، ثم لا يقالُ: إنَّ الاستثناء كذا؛ ليس بلغةٍ ولا مستعملاً.


(١) هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، من كبارِ الأئمة الحفاظ، قيل: هو أول من صنف الكتب بمكة، حدث عنه الأوزاعي وسفيان الثوري، وابن عيينة توفي سنة (١٥٠ هـ).
"تاريخ بغداد" ١٠/ ٤٠٠، و"فيات الأعيان" ٣/ ١٦٣ - ١٦٤، و"سير أعلام النبلاء" ٦/ ٣٢٥ - ٣٣٦.
(٢) خبر ابن جريج بتقدير القلة بقربتين وشيء، ذكره الشافعي في "الأم"١/ ٤، حيث قال: أخبرنا مسلمٌ عن ابن جريج بإسناد لا يحضرني ذكرُه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل نجساً"، وقال في الحديث: "بقلال هجر"، قال ابن جريج: ورأيت قِلال هجر, فالقلةُ تسعُ قِربتين، أو قربتين وشيئاً. قال الشافعي: كان مسلم يذهبُ إلى أن ذلك أقل من نصف قربة، أو نصف القربة، فيقول: خمسُ قِرَبِ هو أكثرُ ما يسع القُلتين. قال الشافعي: فالاحتياطُ أن تكون القفَةُ قربتين ونصفاً. اهـ.
وتقدر القلتان: بخمس مئة رطل بغدادي، وتساوي مئةَ واثنين وتسعين كيلوغراماً، وثمان مئة وسَبعة وخمسين غراماً.
وحديث: "إذا بلغ الماءُ قلتين لم ينجسه شيء" تقدم تخريجه في الصفحة ٤٤٣.
(٣) زيادة يقتضيها السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>