للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كالآيتين والخبرين.

ومنها: أنَ خبرَ الواحدِ دليلٌ من أدلةِ الشرعِ يجبُ العملُ به، فوجبَ أن يقضيَ خاصّهُ على عامَّ الكتابِ كالمتواتر.

فإن قيلَ: المتواترُ مقطوعٌ بطريقهِ، كما أنَّ القرآن مقطوعٌ بطريقهِ، فلما استويا في القطعِ وزادَ الخاصُّ بتناولِ الحكمِ بصريحهِ قدَّمناه على العمومِ، وقضينا به، فأمَّا خبر الواحدِ فإنَّه لا يعطي إلا الظنَّ، ولا يُقضى بالظنِّ على القطعِ.

قيل: خبرُ الواحدِ ظنٌ، وبراءةُ الذممِ بدليل العقلِ قطعٌ، وحكمنا بإشغالِ الذِّممِ وتعليقِ التكاليفِ والمشاق على البدنِ بخبرِ الواحدِ المظنونِ.

وكذلكَ لو شهدَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - لرجلٍ بأنَّ هذا العبدَ له، فقال: هذا العبدُ مِلكٌ لهذا، ثمَّ إنه ادَّعى تملُّكَه (١) آخرُ من جهةِ المشهودِ له بها (٢) ببيع أو هِبةٍ، وقامَ بذلكَ بيِّنةٌ حُكمَ له بها، وإن كُنّا نَعلمُ أن الشهادةَ بنقلِها عن الأولِ قضاءٌ بظنٍّ على قطعِ.

ومنها: أنَّ ما ذهبنا إليه جمعٌ بين الدليلينِ، وما ذهبوا إليه إسقاطٌ لأحدِهما، والجمعُ بين دليلينِ من أدلّةِ الشرعِ أولى من الأخذِ بأحدِهما وإسقاطِ الآخر وتعطيله.

ومنها: أن العمومَ عُرضةُ التخصيصِ ومحتمِلٌ له، والخصوصُ من خبرِ الواحدِ غير محتمِل، فلا يعترضُه إلا النسخُ، فكان غيرُ المحتمِل قاضياً على المحتَمِل (٣).

فصل

يجمع شبهاتهم

فمنها: أنَّ العمومَ في كتابِ الله مقطوعٌ به، وخبرَ الواحدِ مظنونٌ غيرُ مقطوعٍ به،


(١) في الأصل: "تملكها".
(٢) أي بالملكية.
(٣) انظر هذه الأدلة في "العدة" ٢/ ٥٥٥ - ٥٥٦، و"التمهيد" ٢/ ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>