بيانُ ذلك: سؤالُ السائلِ الرافضيِّ بأن يقولَ: إذا كان قوله لأبي بكرٍ: {لا تَحْزَن}[التوبة: ٤] لا يخلو من أن يكونَ طاعةً أو معصيةً، ولم يَجُزْ للرسول أن ينهاه عن طاعةٍ، لم يَبْقَ إلا أن حُزْنَه كان معصيةً لا مَحالَةَ، فقال له السُنِّيُّ: إذا كان قوله لموسى: {لا تَخَفْ}[هـ: ٦٨، والنمل: ١٠]، لا يخلو من أن يكونَ طاعةً أو معصيةً، ولم يَجزْ أن ينهاه الله عن طاعةٍ، فخَوْفه معصيةٌ لا مَحالةَ، فقد سَوَّى بين الأمرين، ولم يجبْ عنه هل هو معصيةٌ أم لا؟ وإنما تَضَمَّنَ التسويةَ التي تُسقِط المسَألةَ عنه؛ إذ كانت على خصمه مثلَها عليه.
فاعرفْ هذه الطريقةَ في الجدلِ، فإنها طريقةٌ حسنةٌ تُلجِىءُ المبْطِلَ إلى مثل جواب المحِقِّ، وإذا خِفْتَ أن يلتبسَ الأمر على بعض من حضَرَ، فلا بأسَ أَن تجيبَ بعد البيانِ لإِسقاطِ السؤالِ.
فصل
في المطالبة بـ "لِمَ"
وهو من فصول السؤالِ، وبيانِ ما يَحْسن أن يطالَبَ فيه بـ"لِمَ"، وإلى ماذا ينتهي، و [ما](١) لا يَحْسُن بعده "لِمَ".
اعلم -وفَّقَك الله أنه يحسن إلى أن يبلغَ إلى حدٍّ يقتضي فيه المقدِّمة للحكم، وأن يقتضيَها العقل، وسواءٌ كان ذلك على حُجَّةٍ، أو على شبْهَةٍ في أنه تَسقطُ المطالبة بـ "لِمَ"، وتصير المطالبة بالانفصال من الإِلزام.